فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
تحاول المرأة الريفية أن تتجاوز أختها الحضرية قدر الإمكان، وعلى الأقل تساويها، فهي تتابع الموضة في الملبس وربما في المطعم والمشرب. وكنا في القرية نقاوم مقاومة عنيفة إن نحن حكمنا عواطفنا، فأعجبتنا هذه أو تلك التي تسلك خارج عادات الأمهات أو الجدات، وأبسط شيء يقف أمام الشباب ويحول دون دعم وتعاطف الوالد مع الولد أن هذه الفتاة لا تستيقظ من نومها إلا بعد أن تطلع الشمس. لقد كانت أعمال الحقل ومشاغل البيت إضافة إلى السيطرة الذكورية الماثلة حتى الآن تجعل المرأة لا تهتم بنفسها ولا تتزين إلا لمناسبة عارضة ثم سرعان ما ترجع المرأة إلى حياتها الذليلة المنكسرة مرة أخرى.
ولأن الإنسان بغض النظر عن نوعه ذكراً أم أنثى يعيش حركة الزمن فإن نمط الحياة اختلف إلى حد ما، فالحياة بفضل الراديو والتلفزيون الملون ووسائط الاتصال الأخرى أصبحت ذات سياق آخر مختلف، وبتأثير هذا السياق الجديد أصبحت المرأة تفضل خبز الروتي على خبز البيت، فلم تعد أفران التناوير مؤهلة للعمل بسبب كسل الفتاة، العازبة والزوجة، فالواتس وتس المرأة جنباً إلى جنب مع وتس رجلها يحول دون الصحو باكراً، إلى درجة أن يتعاطف مسؤول الدوام مع الموظف الذي أمسى يعاقر الواتس أو يتابع كرة القدم، وربما هذه المرأة الغاوية!!
وأصبح عندنا بعض الأمثلة (التعزية) التي تسخر من القروية حديثة العهد بالتحضر، مثل "قروية واتّغْوَرَتْ" أي صارت "تعزّية"، نسبة إلى مدينة كانت تسمى تعز، خربها للأسف أبناؤها.
إن كثيراً من السلوك قد تغير، فإلى عهد قريب كان كثير من الآباء يوجه ابنه الشاب أن يتزوج إكمالاً لدينه من الريف، لأن الريفية أقل مؤنة في تكاليف الزواج وبسيطة مطالبها. أما الآن فإن الريفية أصبحت أكثر تكاليف وأكثر طلبات، هي تواقة للتقليد لتتخطى نظيرتها الحضرية، وهي -جنبا إلى جنب- كأخيها أو زوجها الذي يقلد الثقافة إلى درجة أن أصبح مرتزقاً (ت.ك) أنموذجاً!

أترك تعليقاً

التعليقات