فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

ما هي الماركسية والإخوانية والناصرية والبعثية؟ ثم بعد ذلك ما هي الليبرالية والشوفينية، والأممية، والانتهازية، والبرجوازية، والتحريفية ... إلخ... إلخ؟!
هذه المصطلحات وغيرها كانت ضمن مقررات منتصف القرن الـ20، الذي شهد أقسى خطوط الاستقطاب الحزبي في اليمن، وكان على الذي يخطو الخطوات الأولى على طريق الحزبية أن يقف على تعليمات صارمة، فالذي التحق بركب الحزبية (الإخوانية) عليه ألَّا يتعدَّى الثقافة الإخوانية فيقرأ الثقافة الحزبية، كيلا "تشوش" عليه هذه القراءة فيصبح "مشتت" الفكر، بمعنى أن هناك التزامات ينبغي أن يتقيد بها هذا الإخواني بما ألزمه من يُسمى "قائد الأسرة"، بل عليه ألا يقرأ إلا ما يمليه قائد الأسرة، حتى في إطار الفكر الإخواني، فلا يقرأ للأستاذ محمد قطب قبل أن يقرأ لأخيه سيد قطب الذي حصل على منحة رسمية إلى أمريكا، فتأثر بالمد الماركسي لفترة، ثم أصبح من منظري الإخوان المسلمين، وخاصة حين أصدر كتابه "معالم في الطريق"، ثم أصدر موسوعته القرآنية في سجن عبدالناصر "في ظلال القرآن".
وإذا كان "معالم في الطريق" قد أخذه الشطط -كما هو صاحبه أبو الأعلى المودودي الهندي- فكفر الاثنان المسلمين، فإن "في ظلال القرآن" قد دعا إلى تنقية المجتمع المسلم من الوثنية والشرك من خلال "قراءة ثانية" للنص القرآني وسورة "هود" مثالاً.
وإذا كان عبدالناصر المبادر لعقد صداقة مع سيد قطب، فإن "ناصر" لم يسطع أن يقنع "سيد" بكتابة عبارة "أعتذر" ليفك حبل المشنقة من عنقه، بل فاجأ أخته حميدة بقوله: "إن سبابتي التي توحد الله خمس مرات في اليوم، لا يمكنها أن تشهد لغير الله بالوحدانية"، فلقي ربه شهيداً إن شاء الله...! ورآني شاب من قريتي أتصفح جريدة عفاشية وهو في مدارج "الخويخة" فزم شفتيه لمَّا رأى هذا المنكر!
إن موضوع المصطلح الفكري ينبغي أن يخضع للمراجعة وقراءات ثانية، باعتبار أن أي فكر صاحبه يقدر على الحذف والإضافة، وأي نص يرفض هذا الإجراء لن يكون قادراً على مواصلة الحياة، سيموت بالضرورة. ولكي نعرف القراءة أو لكي نفهم آليتها، لا بد من الانسحاب من منطقة التقديس إلى منطقة ما يستجد من الفكر عموماً، ولا ندري ما أحدثه الحزب البعثي فأضافه إلى عفلق، وما أضافه الإخوان إلى سيد، أو إلى أخيه محمد، ولا ما كتبه سعيد حوى بعبارة ثانية أن المصطلح الحزبي ينبغي أن يتجدد، فهناك فرق -كما يقول الحزبيون- بين "الاستانيكا" و"الديناميكا"!
ولله عاقبة الأمور.

أترك تعليقاً

التعليقات