فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

الملاحظ في بلادنا أنه كلما تحمس القانون لكي يأخذ دوره في حياتنا، إن هي إلا فترة قصيرة حتى توجد سوق موازية تنال من هذا القانون أو التعليمات التي لها قوة القانون، بمعنى أن هناك الشيء وضده في الوقت نفسه، أي أن القانون الموازي يأخذ مواقعه ليعمل عمله. تنص القوانين على ألا يجوز أن يحصل على البطاقة الشخصية إلا من كان يمنياً، ووضح القانون شروط "اليمنية" هذه، ونظمت اللوائح كل ذلك، كأن تبدأ الإجراءات على النحو الآتي:
أن يقوم عاقل الحارة بالتعريف بالشخص الذي يريد الحصول على البطاقة الشخصية، وتشترط الجهة (الأحوال الشخصية) أن يكون هناك شهود ليتم التصديق من خلالهم على تزكية المرشح، فيصدق العاقل على البيانات؛ فماذا يحدث؟! إن العاقل وقد حدد المبلغ الذي يفتح المغاليق وبسرعة الضوء يكمل ملء الخانات، وغداً لناظره قريب، فلا يأتي ظهر اليوم الثاني إلا وقد حصل هذا الأجنبي الوافد على البطاقة "أبو شعار جمهوري"! أستغفر الله ولا يأتي الشهر الجديد إلا وقد حصل هذا الأجنبي الوافد على: "الجمهورية اليمنية، مصلحة الأحوال الشخصية، جواز سفر إلى كل العالم"! والأمر بسيط جداً، فلا داعي للتعقيد، وكل ما في الأمر أن يُخرج هذا اليمني الجديد ما في جيبه من المال ليسدد ما تقتضيه البطاقة والجنسية، والله المعين!
يعلم جهاز الأمن بأن هناك شهود زور "يبكروا بدري" قبل غدو العصافير إلى أمام المحاكم أو إلى أي أبواب أخرى، ليطلبوا الله على أولادهم. وبعض هؤلاء المبكرين من عجل "يبكرون" يلبسون ثيابهم خطأ، كي لا يسبقهم شهود آخرون. كان هذا الجهاز الأمني أيام النظام القديم يتغاضى عن هذا الإجرام، بسبب أن بعض أفراد هذا الجهاز "يطلب الله" على "التردد" أو "الموجة" نفسها التي ترسل عليها شهود الزور الذين لهم حاسة الكلاب في المقدرة على معرفة هذا الذي جاء لاستخراج بطاقة أو جواز!
قل ما شئت عن أي قانون أو لائحة تحاول منع الفساد، فإنك واجد لا محالة نقيض هذا القانون أو اللائحة (مما يجوز ولا يجوز) في الوقت ذاته! فالمأمول أن تفتح حكومة الإنقاذ عيونها كي لا تسير السيرة الأولى للفاسدين، فالوقت مواتٍ للصالحين.

أترك تعليقاً

التعليقات