فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

ليس الأمر سهلاً، ولو كان الفقر رجلاً أو امرأة لكان علي بن أبي طالب ومشايعوه قد قتلوه من زمن بعيد. إن من الصعب جداً أن تقتل هذا القاتل المتغول على امتداد الزمان والمكان، ترصده بطون الجوعى ولا تتجاهله العيون البصيرة، حتى بإمكان العيون العمياء أن تقرأه، لبساطة مرآه. ومن أبلغ وأعمق بديهة وأفصح قولاً من هذا أو ذاك الفقر اللعين الذي هو من أعاجيب الزمن من بداية الخليقة حتى القرن الحادي والعشرين؟! وليس الأمر غريباً أن يسعد الفاسدون والانتهازيون بالفقر، هذا الكائن العجيب، فقد يكون وريداً يضخ في شرايينهم الضمأى لآخر قطرة حياة، كأن ضجيج كل الفقراء وما يجرعون من عصارات نبضهم الثكلى لا تكفي عطشهم الذي يسد كل نافذة حياة، رأيت وجوههم الناطقة حين يقادون بأشقائهم يرتبطون كما هم بأسر دفعتهم لتقي أنفسها سرابيل الجوع المهين بل المميت. والله إنهم -من طرفي الصراع- كثير منهم لا يفقهون معنى المقاومة ولا معنى الاحتلال إلا بعضهم وقليلاً منهم. إن هذه الكالحة جوعاً وفقراً وبرداً قارساً إنما دعيت بدعاء الشرعية الارتزاقية الحالكة السواد للنجاة من فقر محقق في سبيل يخرج من البائس الفقير إلى حالة الثروة والحياة وتكوين أسرة بملايين يقترح دفعها رب أسرة هلوع لا يعلم من الشرعية (المسخ) ولا المقاومة الحرة إلا أن يكون قد جلب من الجبهة ثمن عروس تحدد الثمن مسافة قد تبعد فتكون الهضاب هي الفصل البعيد يختفي القاتل وراءها تحرسه مدرعة دبابة، أو مجنزرة عاتية، أو أن هذا المقاتل المجاهد يرى الموت أقرب إليه من شراك نعله!! فلا يلقى عند العودة سوى بيضة دجاجة يتجاوز سعرها المائة والعشرون ريالاً.
وباختصار فإن المجاهد الذي درج في محاضرة أو محاضرات تعلم فيها دافع الجهاد والاستشهاد ثم وجد نفسه يعود إلى أسرته ليلوك معهم الجوع والفقر. وكنت من طرف خفي أو معلن قد طلبت إلى الدولة بزعامة المشاط والحوثي أن يؤسسوا هيئة الشهداء لرعاية الشهيد قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى ولأبنائه الذين يتضورون جوعاً في الذهاب والإياب.
مقالة هي إلى التجريد أقرب، لأفك هذا المبهم، فأقول إن الدافع للتحرك باتجاه العدوان في أغلبيته هو الفقر الذي تمنى أعلمنا بالله والجهاد في سبيل الله سيدنا الإمام علي أن لو كان الفقر رجلاً لقتله. والله حسبنا ونعم الوكيل.

أترك تعليقاً

التعليقات