فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
بدهي أن تكون طبيعة المجتمعات ذات أهداف «غيرية» تسير وفق رغبات ضدية، فلكلٍّ رغبته، حسب اتجاهه ورؤيته للحياة. وفي أيام الثورات تكثر الرؤى وتتعارض الرغبات إلى درجة أن تتصارع وتتجاذب حتى لتبلغ مبلغ الشك. وللشباب «عُرامة» (بضم العين المهملة وفتح الميم، وتعني حيوية وشطط) حدث هذا أيام النبوة، فلقد بشر النبي الكريم أصحابه بأن الله سيحقق لهم العمرة في حرم الله الآمن في مكة المكرمة، فإذا الكفر يمنع المؤمنين من الوصول إلى بيت الله الحرام، فتبدأ الوفود، وفود مكة، في القدوم إلى الحديبية (قرب مكة)، وذلك في شهر ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة. وبعد أخذ ورد بين مشركي قريش وسيدنا النبي الأكرم عليه وصحابته وآله السلام، تمت الموافقة على أن يرجع المسلمون إلى المدينة، وأن يعتمروا العام القادم. وافق نبي الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام على العودة من قابل، فرأى شباب المسلمين وكثير من شيوخهم ما رأي الرسول؛ ولكن قليلاً منهم، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب، رأوا أن قريش نالت المسلمين بأذى وألزمتهم شروطها، فدوت في معسكر الإسلام صيحة عمر: فيم نأخذ الدنية في ديننا؟! إلا أن المسلمين رضوا بأمر الله ورسوله بعد أن كان غير قليل منهم عزم على أن يمتنع عن الحلق والتقصير، وكاد عذاب الله أن يحيق بهم، لولا أن أم المؤمنين أم سلمة أشارت على رسول الله أن يحلق رأسه ليراه المسلمون، فصنعوا مثله، ورمى المنافقون المسلمين بالذل، شأنهم في كل زمان ومكان، إذ ليس للإرجاف حدود ولا قيود، وخاصة إذا لم يكن هناك ضمير يحول دون الكذب ولا دين يمنع الإفك والافتراء. وهكذا سجل التاريخ للشباب المؤمن تحدي الأخطار ومعنويتهم العليا في إعلاء كلمة الله، كما سجل التاريخ موقفاً حكيماً لسيدتنا أم المؤمنين زوج رسول الله، أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها.

أترك تعليقاً

التعليقات