فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

يتعين على طالب الدراسات العليا في المعاهد والجامعات أن يحصل فناً اسمه المنهج أو المنهاج، وهو الطريقة التي يسير عليها هذا الطالب أو ذاك في سبيل تحصيل معرفة موضوعية وعقلانية يحترم فيها الأطراف حدود أية فكرة مطروحة للمداولة والنقاش. وبفضل هذا المنهج أو المنهاج تسير الفكرة سيراً سليماً لا انحراف فيها ولا تطرف، لأن المنهج العلمي هو الذي يوجهها ويحمي حدودها ومنطقها، وعند غياب المنهجية لا يسود غير العنف والغلبة للأقوى وحسب. وإذا كان هناك تاريخ لبداية أو نشأة علم من العلوم، فإن المنهج هو الوسيط في إعطاء الفكرة المعرفية حقها وحقيقتها على السواء، بمعنى آخر أن نشأة هذا المنهج تصاحب فجر النشأة الإنسانية الأولى، فالمنهج هو الذي يكفل تنظيم العلاقات بين الأفراد الذين بدأوا أسرة ثم قرية ثم مدينة ثم مجتمعاً كبيراً، ويكاد السيوطي صاحب تعريف اللغة أي لغة، في كتابه الشهير "المزهر"، أن يعطينا فكرة مقاربة عن المنهج حينما عرف اللغة بأنها مواضعة اجتماعية يعبر بها قوم عن الأشياء المراد تعريفها أو الحديث عنها. والسيوطي أراد توصيل فكرة أن أية لغة ليست (توقيفية)، وإنما هي اتفاق بين الأفراد لا أقل ولا أكثر، ووفق هذا الطرح لا توجد لغة "مقدسة"، والقارئ العزيز يعرف أن هناك طرحاً وضعه بعض المحاورين حين عالجوا فكرة مؤداها أن اللغة العربية (توقيفية) لأنها لغة القرآن الكريم، وهو -أي القرآن- معجزة بلفظه وجمله -على مستوى الإفراد والتركيب- وهو منطق لم يصمد أمام الحقيقة أو الحقائق المنهجية الواضحة الموجزة بفكرة (المواضعة) المجتمعية.
بهذه التقدمة أردت القول إن الكوارث والحروب إنما تنشأ عن التداخل اللغوي الذي لا يلتزم به المنهج، فيكون عدم التفريق بين المطر والنار والإنسان والأرنب سواءً، فينشأ الخلط المؤدي لسوء الفهم والحرب إن أمكنت الحرب أو العداء الذي يفجر الحرب!
إذن، لا بد أن يوجد منهج ينظم العلاقات بين الأشياء، فالحرب ليست السلام، وليس محمد بن سلمان كالحكيم أو العاقل، وليس ترامب كجورج واشنطن، وليس الإمام أحمد كعبدالله السلال، وليس السيسي كجمال عبدالناصر، وللحديث صلة إن صدقت الأيام.

أترك تعليقاً

التعليقات