فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
الجهة منفكة بين المثقف والسلطة في أي مكان في العالم، القريب والبعيد، مهما حاول السلطان أو السلطة إخفاء هذه الجهة بقوالب الحلوى ولون النقود وإعطاء المواثيق والعهود.
لقد حاكمت السلطة اليونانية الفيلسوف سقراط بتهمة الإلحاد وإفساد الشباب، بدعوته إلى معارضة الحكم. ومع أنه كان باستطاعته أن يهرب من السجن وحكم الإعدام، إلا أنه فضّل أن يتجرع السم وينتحر كيلا يقال إنه خائن جبان. كان ذلك في القرن 399 (ق.م)، حين دفع سقراط حياته لأنه عارض السلطة ودعا تلاميذه لينتفضوا على الحاكم/ الإله.
وفي العصر الحديث تم اغتيال فرج فودة في مصر لأنه عارض السلطة. وتبعت سلطة القذافي المثقف الكبير الأستاذ محمد مصطفى رمضان، الذي لجأ إلى بريطانيا ليصبح أشهر مذيعي القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، فيقتل في أشهر ميدان بلندن. وأعدم الملك السعودي المثقف ناصر السعيد في أحد شوارع بيروت. وأعدم «الزعيم» صالح خيرة المثقفين الناصريين لأنهم وصفوه بالجهالة واتهموه بسرقة السلطة، وكادوا ينجحون في إنجاز انقلاب، لولا أن تلقفه كيد الساحر علي محسن الأحمر، فكان أن سقط مشروع هذا الانقلاب، وتكلل بسيل من دماء شباب استبدل بالتخطيط السليم شجاعة وانفعالاً هما إلى التهور والمغامرة أقرب، مع أن هذه الثلة من الانقلابيين كانوا على صلة بتاريخ الثورات والثوار في العالم؛ غير أن إرادة الله فوق كل إرادة.
إن من المفارقات في ثورات العالم أنه سرعان ما ينتقل المثقف من صف الثقافة إلى كرسي السلطة، ليصبح أكثر من سفاح وطاغوت، ينكل بالمثقفين الزملاء رفاق الأمس، ليس ذلك وحسب، وإنما يستطيع أن يخلق مصطلحات مثيرة تبرر له القمع والتنكيل... وهكذا!

أترك تعليقاً

التعليقات