فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
التي كانت «تعز» يملؤها الحزن والخسف، ويعيث فيها الأطفال فسادا، ويركم فيها «مجربو» السلطة في حافاتها وحاراتها أطناناً من المصائب ولهاثاً من الحرائق وآكاما من اغتصاب الحقوق، بينما تكتفي الحرائر بأصوات النعي وآهات الحريق...!
التي كانت عاصمة الرسوليين القادمين من شرق النور في أعماق آسيا، والذين ملكوا من «ذات عدينة» حتى أزقة «مكة» ورجّعت أصداء صلواتهم مآذن مكة وصدت سنابل قمحهم وشعيرهم أفواه فقراء «العزيزية» وحي «السبيل» وأسواق الليل ومبات الحجاج المرابطين وجيران الله من علماء الأمة...
تعز التي كانت بلاط الشعر والحكمة، يضاهي قصر «دار الناصر» قلعة «حلب» أيام سيف الدولة، عصر الإمام الشاعر والفقيه أحمد بن يحيى حميد الدين، وأشرقت من أنوار هذا القصر «الناصر» لتضيء الجزيرة العربية بمصابيح السالمي والشامي والحضراني وزبارة وابن عقيل والذاري وعلي عقبات والنعمان وحمزة والمرتضى والموشكي... وتفجرت فيها ملامح التغيير والتعبير: باذيب وسالمين وفتاح ومكاوي وباسندوة والأصنج وجرادة وأحمد عبده سعيد وعبدالغني علي وهائل سعيد أنعم وعبدالودود...
التي كانت تعز استلم منها الثوار مشاعل 55، 62، 67، وهج الرفض للكهنوت المتخلف، وأعلن أشرف زعماء القرن العشرين، رمز ثورة الحياد الإيجابي  وعدم الانحياز، جمال عبدالناصر، ثورة العروبة على محتل غاصب يحاول الآن أن يعيد سيرته الأولى للثورة عليه... «تعز» أبر أبنائها نضالاً وكفاحاً ودماً ليكون وقود الثورات... إن خبا نورها سرعان ما يعود سراجاً وهاجاً يفيض إشراقاً وبهاءً...
التي كانت «تعز»، عاصمة عبدالهادي السودي، يملؤ حاراتها عرفاناً صوفياً، وتحمل قراها عبق ابن علوان، ثورة على الطغيان وتمرداً على صور الاستبداد والاستعباد...
التي كانت «تعز» أصبحت متنفساً لكلاب ضالة تتنافس على إشباع عقد نقص مريضة، وملعباً لأقزام السنتيمترات!

أترك تعليقاً

التعليقات