فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / #لا_ميديا - 

لم يُكتب تاريخ اليمن المعاصر بما يعنيه التاريخ من حقائق واقعية صرفة، دون أن تكون هذه الكتابة ممزوجة بالانحياز لمصلحة خاصة ولمزاج خاص، وقد كان شعور بعض الثوريين حتى فترة قريبة مفعماً بـ"الغبن" و"المرارة" عندما كان الدخلاء على الثورة أو السارقون لها قد أفادوا من نتائجها وهي الرفاه والاستقرار والسلام، بينما شعر الثوار الحقيقيون بالعوز والفقر المهين، فلجأوا للكتابة يعصر بعضهم الأحداث بالحق والباطل كردة فعل لما أصابهم من نسيان وإهمال، بل ببساطة أصبحوا وأظهروا وأمسوا يرون أبناءهم وبناتهم بل جيرانهم يخرجون ألسنتهم لهم، هزواً وسخرية، كأنهم زرعوا وما حصدوا، بل حصد غيرهم من سراق الثورة المغامرين في كل زمان ومكان. ولذا فإن أجيالاً صاعدة من أبناء اليمن في الشمال والجنوب صحوا على "فجر يوم صبي ويا صحوات المنى أطربي"، وبين الأقواس للراحل البصير عبدالله البردوني. لم يشهدوا كيف ضحى الآباء بأموالهم وأرواحهم لإنجاز ثورات توالت الأولى بعد الأخرى حتى مطلع الفجر، بل أستطيع القول إنه لم يكن اليساري ولا اليميني ولا الوسطي ولا الرجعي غير أفكار كالثقاب ليشعل في قلبه حريق الثورة، ففي الشمال أراق أحمد حميد الدين دماء زكية طهورا، فقتل عشرات العلماء والمفكرين بدون أحكام شرعية، حتى ليصرخ بحرقة أحد هؤلاء الأعلام بعد أن علم أنه سيكون مقتولاً بعد دقائق على يد سياف الإمام "فرع حجة"، لماذا سيقتلني ابن حميد الدين؟ أين الحكم الشرعي؟ بل كان قد أفاد عن أبي الدرداء حين نصح للحاكم الأموي الكبير فقال له "الوعد الله يا معاوية"؟!
أما في الجنوب فكان هناك صراع على السلطة، بل من وجهة نظري كان صراعاً على "النقاء الثوري" ودليلاً على صوفية الثورة وسيادة الروح على المادة "بمفهومها" فمن هو عبدالفتاح إسماعيل الجوفي؟ ومن هو الشيبة "سالمين" و"علي عنتر"؟ ومن هو قحطان الشعبي وعبداللطيف الشعبي؟ ومن هو عبدالقوي مكاوي ومن غيرهم كثير. ومن وجهة نظري إن أجيال الثورة لا تعرف إلا القليل المزيف عن الثورات اليمنية.

أترك تعليقاً

التعليقات