فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

لم نستطع إقناع الطلاب فضلاً عن المسؤولين بأن هناك فرقاً بل فرقاً كبيراً، بين منهجي التلقين والتدوين، باعتبار التدوين تلقياً وتكراراً أعمى وتقليداً مسخاً يبتعد عن الأصالة والابتكار والخصوبة. ولم يكن التلقين سوى تصنيع لعقلية "ببغاوية" تقلد ولا تبتكر، وتردد ولا تفكر.
نقول للطلاب في الجامعة بأن مراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية قد نتسامح معها، كونها تعتمد منهج التلقين الذي يؤسس لبديهات، أو على الأصح تقوم عليه بديهات تنطلق إلى مناقشات ومساءلات. لكن هؤلاء الطلاب الجامعيين وكثيراً من أساتذتهم وحتى لحظة إعداد هذا البيان رفضوا ويرفضون هذا المنهج الجديد، فيدخلوا الجامعة بعقول أمهاتهم ويخرجون بعقول جداتهم. ومن الوارد أن يكون هؤلاء الطلاب قد "بُرمجوا" لتنفيذ فكرة حزبية مفادها "هذا ما وجدنا عليه آباءنا"!
لقد نادى زعماء التنوير في النصف الأول من أربعينيات القرن الماضي بضرورة الابتكار، واستجابوا منحازين للتجديد باعتباره النافذة أو الباب الواسع للسير في ركاب المستقبل الواعد والأمل الأفضل. ولكن هذه الدعوات المائلة في عقول العصريين لم تلق إلا استجابات باهتة، بل كانت السلطة الحاكمة وراء دعوات غوغائية قدمت طه حسين لمحاكمة بسبب كتابه "الشعر الجاهلي" وكتابه الآخر "مستقبل الثقافة في مصر"، فاتهمه بعض الكتاب بالردة في الأول، وبالعمالة للغرب في الثاني والجامعات العربية دون استثناء، متهمة بتكريس سلطات العادة التي يقتضي الأمر أن تنفض بل تثور على هذا المنهج المتخلف الكئيب البليد والذي يصر على أن يجرنا بدعم من السلطات الحاكمة إلى وراء القرون الغابرة.

أترك تعليقاً

التعليقات