السَّهودية
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
كان الملك عبدالعزيز بن سعود صاحب طموح استيطاني فخيم، فلقد كان يطمح أن يكون ملكاً للعروبة والإسلام في العالم، فاقتطع أجزاء من اليمن والعراق والإمارات والكويت والبحرين، وجاء من بعده ابنه فيصل بن عبدالعزيز فطمع أن يكون خليفة للمسلمين باعتباره خادماً للحرمين الشريفين، بل دخل في صراع -غير خفي- مع زعماء عرب ومسلمين، كجمال عبدالناصر وأحمد حسن البكر وحسين بن طلال وسالم الصباح والسنوسي الليبي... وخلفه إخوان لا يقلون عنه طمعاً، فهد وسلطان وعبدالله...
يدّعي هؤلاء الحكام السعوديون أنهم أولى بالزعامة العربية لأنهم «قلب العروبة»، ويدّعمون أنهم «أمراء للمؤمنين» لأن بأيديهم مفاتيح الكعبة والصفا والمروة وعرفات ومنى والمشعر الحرام في مزدلفة!
ولقد ظهر الإمام الخميني 1977 مطيحاً بالإمبراطور محمد رضا بهلوي، وتجلت المعركة بوضوح بين السعودية وإيران التي دفعت بالهتاف ضد أمريكا، ورفع شعارات «خمينية»، مما جعل العرش السعودي يزجي مليارات الدولارات والريالات لشراء المرتزقة من العالم، رجال إعلام ومخابرات ورجال دين... لقلب نظام «المجوس» الإيرانيين، بل إن محمد بن سلمان صرح للعالم أنه سيفجر الثورة من الداخل الإيراني، وبالفعل ثارت مظاهرات في بعض المحافظات كانت ترمي لإحداث فتنة داخلية فطن لها النظام الإيراني واتضح من خلال التحقيقات أن هذه المظاهرات لم يكن هدفها التحرر من الحجاب وحرية اختيار الأصدقاء وحرية الصحافة وفتح ملاهٍ ليلية... الخ، بل إنها اتخذت هذه العنوانات للتعمية وكسب تعاطف العالم الذي ضج بفعل «الرشى» السعودية، ولم يزل يضج حتى اليوم.
لقد نعلم جميعاً أن الأنظمة العربية والإسلامية تستند إلى حيل قديمة من ضمنها المشكل الطائفي الديني، فالسعودية تتهم إيران بالشيعية، بينما يصفون أنفسهم بأهل السنة والجماعة، مع أنهم (الحكام) ليسوا بأهل شيعة ولا سنة!
من حق السعودية، أو بالأصح من حق حكام السعودية أن يجعل قواتهم في الجيش أو الأمن رجال مخابرات ومباحث عامة «ويكتروا» مرتزقة للدفاع عن عرشهم الملكي؛ ولكن ليس من حقهم أن يكونوا أوصياء على خلق الله يزجون بهم في السجون والمعتقلات، وأن يجعلوا من قصورهم مقار إقامات جبرية وسنترالات للتنصّت والجاسوسية، فذلك ما يتعارض مع شريعة السماء وقوانين الأرض.
الحقيقة التي لا يعلمها كثير من الناس أن هناك أحراراً من الأمراء والإعلاميين والوزراء وسائر المواطنين يدافعون عن الحريات وحقوق الإنسان في هذا العرش الآيل للسقوط، رغم ما يعانيه هؤلاء من ملاحقة من الداخل والخارج، وآخر حيلة يتخذها بعضهم هي الرحلة للسياحة والعلاج والبحث العلمي والبحث العلمي وأمور تتعلق بالترفيه.
ولما علم الحكام السعوديون بالحيلة أصبحوا يطلبون كفلاء وجواهر نفيسة، يطلبونها عند الحاجة ويدفعون رهونات (ذهبية وممتلكات وعقارات) إن خرج هذا الشخص أو ذاك ليكون معارضاً.
لقد شاهد العالم صفقة بيع تمت بين روزفلت رئيس أمريكا مقابل حماية عرش بني سعود، وتم البيع والشراء على ظهر السفينة «كوينسي» بتاريخ 14 شباط/ فبراير 1945، تؤكد تعهد الملك عبدالعزيز بن سعود بقلمه وخط يده أنه يهب فلسطين لـ«المساكين اليهود» مقابل حماية أمريكا للسعودية.
إن السعودية اليوم تشن حرباً ضارية ضد المواطن السعودي الذي يظهر تعاطفه مع شعب فلسطين، فالسجون تكتظ بالمغردين والناشطين، وليس آخرهم الفتاة السعودية بنت الأحد عشر ربيعاً التي حكم عليها بالسجن 11 عاماً بسبب اختيارها لملابسها ودعمها لحقوق المرأة. وجرى القبض على «مناهل» بتاريخ 16 شباط/ فبراير 2022. وليست «مناهل» الوحيدة من النساء، حتى أن هناك بعض أميرات العرش السعودي. والفرق بين الأميرة والمواطنة أن الأميرة تسجن في القصر، بينما المواطنة تسجن في السجن الخاص بالنساء.
مشكل حكام السعودية أنهم يعتقدون أنهم أمراء المؤمنين، وأن الرياض هي عاصمة الخلافة الإسلامية!
عرض السعوديون على أنصار الله مغريات كثيرة، من ضمنها: فك الحصار وسحب القوات الأجنبية وصرف المرتبات والاعتراف بحكومة أنصار الله وإغلاق ملف البند السابع وخيار استقلال القرار اليمني من موقع الند بالند، وبالفعل هذه مطالب أنصار الله في الحديث ومطالب الوطنيين الشرفاء منذ القدم؛ شريطة أن يكف أنصار الله عن الحرب في البحر الأحمر، وهو شرط صهيوني بامتياز، فكان رد السيد عبدالملك الحوثي: لا مفاوضات على حساب الدم الفلسطيني.
لقد سقط النظام «السهودي» يوم لم تسقط غزة الباسلة. وكنت أشرق بالبكاء حين أسمع الفلسطينية تبكي أسرتها المطمورة بالحجارة تحت الأنقاض وتنادي أشقاءها المسلمين العرب! أي عرب وأي مسلمين يسمعون هذا الصريخ فلا يستجيبون؟!
والسؤال: من هو جدير بلقب خادم الحرمين الشريفين؟ هل هو رئيس كولومبيا أم سلمان عبده؟! ما هي الجديرة بلقب عاصمة العروبة، هل هي بوغوتا أو الرياض؟!
أين القادة العرب؟! أين الملك أمير المؤمنين ملك المغرب (نسيت اسمه) الذي هو رئيس مجلس القدس؟! أين السيسي زعيم أعرق عاصمة في العالم، القاهرة؟! أين أصحاب «السموم» أمراء قطر والبحرين والكويت والإمارات؟! لقد عرف العالم العربي والمسلم العالمي أن الزعماء العرب والمسلمين يتصدرون قائمة «العار والخزي الأبديين»، والسؤال: ماذا سيقول تاريخ القرن الحادي والعشرين عن هؤلاء «الأشباه» و«الأشباح»؟!
الجواب كالآتي: في القرن العشرين تآمر زعماء العرب على فلسطين، باعوها في كامب ديفيد وأوسلو، وقتلوها في غزة. ظهر نفاق هؤلاء، ولم يقف حائلا دون المذابح الجماعية سوى الشعب اليمني المحاصر، فضرب كيان الصهاينة وهز الغرور الأمريكي في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
في القرن الحادي والعشرين سقطت نجوم العالم الأمريكي بصواريخ أنصار الله بنفحة شعار الصرخة.

أترك تعليقاً

التعليقات