فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
أشبه ما حدث كأفلام الرعب... حدث أمام محكمة. تجمع الناس في حلقة ليشاهدوا هذا المنظر الرائع! أخوان يتصارعان، كل أخ يمسك بحلق أخيه يهم بالقضاء عليه، والناس يتفرجون كما يتفرج الإسبان على مشهد ثورين لدودين!
لم يتقدم أحد لفض الاشتباك؛ غير أن أحدهم لمح أحد الأخوين يخرج مسدسه ليقتل أخاه، فصرخ في وجهه: «انتبه! أخوك! أخوك! انتبه! ستقتله!»، فكان أن استسلم صاحب المسدس وسلم الصارخ المسدس، وتدخل الجمهور ففضوا الاشتباك وانصرف الحشد إلى مقهى قريب، بينما انصرف الأخ الكبير لدقائق وعاد ليخرج ورقة هي الحكم «الطري» والقاضي بتنفيذ أحكام سابقة، وأخذ المحكوم له القلم وكتب ما يأتي: «أنا فلان بن فلان، أقول بكامل صحتي وعقلي بأني أتنازل عما قضت به أحكام سابقة لأخي فلان بن فلان، لأن ما ادعيت به زور وباطل، والحق الصحيح لأخي، وهذا بشهادة الأشهاد وهم...»، وبادر الأخوان ليعتنقا يذرفان دموعهما، كما صوره الشاعر البحتري في وصف ما حدث في قبيلة «ربيعة»:
إذا احترَبَتْ يوماً ففاضت دماؤها تذكَّرتِ القُربى ففاضتْ دُموعُها

وكنت قد استفتيت مفتي الجمهورية: هل تطال عقوبة الإعدام قاضياً امتهن الرشوة فقضى بحقوق لغير مستحقيها فاقتضى الحكم الاقتتال بين الناس، وسالت من أحكامه الزور دماء المختصمين؟!
إن شل حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واللجوء إلى الصمت عن قول الحق، واستساغة بعض القضاة الرشوة، يؤدي إلى فتح باب القتل، ولو أن الناس قاموا في وجه الظالم المغالط لما حصل، لما فتحت المحاكم أبوابها، ولسادت السكينة في المجتمع.

أترك تعليقاً

التعليقات