فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

لا أريد البحث في نشأة دولة الكويت من حيث وقوعها تحت الاحتلال العثماني ثم الاحتلال الإنجليزي، فالمقام لا يسمح إلا بقدر ما نستوعيه عبارة استقلالها من الاحتلال الإنجليزي في 19 يونيو حزيران عام 63، أي بعد عام من ثورة اليمن الناجحة 62. وما يهمنا هنا أن نثبت انطباعاً تاريخياً يتناول ركيزتين واقعيتين: الركيزة الأولى: الشعور بالانتماء القومي الذي يعود إلى أسرة آل الصباح التي تتوارث الحكم من عهد الاستقلال حتى اليوم. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا الشعور القومي يتميز بالإيجابية خروجاً عن الشعور القومي الذي يكتفي بلغة تقترب من لغة عاطفية يتميز بها أمراء الخليج ولا تكاد تنم عن موقف عاطفي أو عملي لبقية الأسر الحاكمة في الخليج. هذه العاطفة الخليجية الباردة والتي تحاول أن تخرج من هذه الإمارة أو تلك من شرنقة الإمارات الكالحة الثرية كإمارة بني سعود والتي أصبحت أكبر إمارة تمسك بدفة ومقاليد كل إمارات الخليج وبشكل فوقي استعلائي واستغلالي (علاقة السعودي/ البحريني أنموذجاً) مما حدا بكتاب التاريخ المعاصر إلى أن يطلقوا على البحرين وصف الإمارة البحرين السعودية، أو "محافظة السعودية في البحرين التي حاولت تخرج بتسمية جديدة للإمارة إلى مملكة، مما دعا السعودية إلى التدخل بقوة مسلحة، دبابات ومجنزرات وطائرات، لتخمد ثورة الشعب البحريني بأقل من ثلاثة أيام بما يسمى "عاصفة الجزيرة" أو على وجه الدقة "عاصفة درع الجزيرة" وفق أدبيات مجلس التعاون الخليجي المكتوم والمكتوب الذي رأى تمرد بعض الدول الخليجية عليه (مجلس التعاون) باعتبار هذا المجلس ينبثق عن مصالح أنانية مما حدا بعمان تهم بالخروج من المجلس حفاظاً على استقلال قرارها السياسي السيادي.
الركيزة الثانية التي يعتمد عليها حكام إمارة الكويت هي استقلال القرار الكويتي عن قرار سيد الإمارات السعودية. ولقد مثل استقلال القرار الكويتي دعماً سخياً لجنوبنا اليمني في منتصف السبعينيات عندما أفلحت الرجعية السعودية والاستعمار البغيض في تقسيم اليمن إلى يمنين، يمن في الشمال ويمن في الجنوب، فبينما اليمن في الشمال تحكمه اللجنة الخاصة السعودية بإشراف الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، في الجنوب برعاية شباب قام بعملية تحريف مفهومي لمعنى الاشتراكية، الأمر الذي دعا كلا من السعودية والكويت إلى أن يتسابقا على حيازة هذا اليمن بجزأيه. وبينما كانت السعودية تغدق الذهب على المشايخ وإخوانهم المشايخ "المبنطلين"، فلا يصل إلى التنمية "شوالة" من الذهب "أبو الخيل" كانت الكويت القومية تبني المدارس في الجنوب والمعاهد العليا وتنصب الخيام في العراء لمحو أمية البدو، بل وتمد هذه الخيام بشتى المساعدات من كراسي وسبورات جنباً إلى جنب مع التطبيب ومكتبات تساعد البدو على أن يتخرجوا لتصبح هذه الخيام مدارس إعداد القوافل من المعلمين لينتشروا في ربوع الجنوب، وسجلت الكويت أشرف تنمية شاملة إلى درجة أن يصدر قرار كويتي بإنشاءها "هيئة الخليج العربي والجنوب" برئاسة يمنية، أحمد السقاف، الذي كللت جهوده بأحسن نجاح، واستطاعت الكويت أن تبحر شمالاً ليعم خيرها كل اليمن، ودليل ذلك جامعة صنعاء، عمارة وأموالاً، وشمل دعهما إنشاء معاهد ومستشفيات. مستشفى الكويت في صنعاء ومستشفيات في عموم الجمهورية. ولما كان الرئيس غير الصالح قد شارك في غزو الكويت من خلال دعمه للشيخ صدام حسين وحرب صدام مع إيران، وبدعم سخي من السعودية، بواسطة الشيخ الأحمر المقاول من الداخل، فإن الكويت ظلت تشارك اليمن أفراحها وأحزانها شدة ورخاء وما إن يختصم اليمنيون حتى يتدخل الكويتيون لرأب الصدع وجبر الجروح، وما قمة عبدالفتاح إسماعيل وعلي فاسد في السبعينيات وما الحوار بين المرتزقة وما حوار فنادق الرياض والوفد القادم من صنعاء إلى جنيف إلا دليل على حب اليمن، وما الخصام المحتدم بين أسرة بني سعود وآل الصباح إلا نتيجة تحيز آل الصباح إلى جانب الشعب اليمني. ولمزيد إيضاح نشير إلى ثلاثة مراجع: "اليمن الجمهوري" لصاحبه عبدالله البردوني، ومذكرات القاضي الإرياني، ثم مذكرات محسن العيني، وفي هذا بلاغ لقوم يتذكرون.

أترك تعليقاً

التعليقات