فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

السفر من عاصمة اليمن صنعاء إلى التي كانت "تعز" أصبح صعباً وأكثر مشقة، وعلى المرء أن يجمع أسرته ويقرأ عليهم الوصية، لأنه قد لا يعود، فالسفر يتم ليلاً، وعلى المسافر ألا تفارق كفه بطاقته الشخصية أو العائلية، فهو يصل فجراً إلى الحوبان (العاصمة الافتراضية) التي كانت تسمى "تعز"، وبعدما أن كان يصل إلى المدينة من الحوبان في حدود 20 دقيقة، عليه أن يلف في طريق دائري تبتلعه جبال وهضاب ووديان وأهوال ومرتزقة وأشبه ما تكون هذه الطرق بـ(Rally) مسابقة خطرة، فالطريق مخترع ترابي ضيق جداً وزلق، وعلى السيارة الصاعدة ألا تبرح مكانها انتظاراً لسيارة هابطة، لتدخل ما كانت تعز وقت الغروب أو قبله بقليل، ليتسابق الأهل -إن كان لك أهل- للتهنئة بالسلامة، وليستمر الواصلون في دوخة وصداع لما يزيد على أسبوع على الأقل.
لقد بذل المخلصون جهوداً كبيرة في سبيل فتح طريق الحوبان – تعز، ومنهم شيوخ وتجار ومالكو سيارات... فلم يفلح غير الابتزاز!
أهل تعز يعدون الأوائل في تدميرها، وعلى رأسهم الأفندم حمود المخلافي، الذي ظهر يوما في التلفزيون ليسمع أهل التقوى طفلته الصغيرة تؤدي قصيدة فكرة "القرآن كتابنا ومحمد نبينا والموت في سبيل الله أغلى أمانينا"، وهي فكرة "شعارية" تود أن تكون مفتاحها لثروة كوّنها ضابط الأمن السياسي الأفندم حمود من الأراضي التي نهبها بواسطة مليشياته أو جنوده الذين يلعنهم وقت يأتي إليه الشاكون و"يشخط وجهه" توكيداً لعدو رضاه عن هذا الفعل المتهور، حتى إذا طالت الشكوى لمدة عام أو بضعة أعوام تدخل بحل، وهو أن يرضى الشاكي بنصف الأرض، أرضه المنهوبة، بدل الأخذ والرد، فيسعد الشاكي بهذا الحل المنصف، ولما ضاقت اليمن بالأفندم "الوطني" حمود تسلل هارباً يترقب عبر مأرب إلى حيث اللجنة الخاصة، ليتلقى عشرات الملايين دعماً لطرد الإيرانيين الذين يحتلون اليمن، فغادر إلى بلاد السلطان العادل أردوغان، خليفة المسلمين، ويعين بعض الأطفال من أقاربه للسيطرة على جباية أسواق القات التي يحتلها أمير المؤمنين عادل عبده فارع (أبو العباس)، لتضيع هذه المدينة في زحمة الأفندم حمود والعفاشي.

أترك تعليقاً

التعليقات