فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
سعد كثير من أبناء اليمن بالخطوة التي ظنوا أنها عهد أمريكي جديد قد استهل بزعامة بايدن خلفا لـ"المربوش" الأحمق ترامب، وقد بدأ بالفعل بتغيير بعض ملامح سياسة سلفه، فأعلن أن بعض أولوياته هي مناصرة الديموقراطية في العالم وضرورة الحوار مع الصين ورفع حركة أنصار الله من اللائحة السوداء، وألمح إلى ضرورة التعامل الإيجابي مع إيران بشأن الملف النووي.
ونعود إلى أولوياته في الملف اليمني، إذ خطا خطوتين إلى الأمام، الخطوة الأولى تتمثل في إيقاف بيع الأسلحة للعدوان السعودي، والخطوة الثانية بإعلانه ضرورة إيقاف الحرب في اليمن، وفي هذا المسار قرر تعيين مبعوث خاص للحكومة الأمريكية في اليمن، والذي بدأ مشاوراته مع غريفيث مندوب الأمم المتحدة إلى اليمن، وأظن أن هذا شيء طيب لو أصبح واقعا، إذ إن هذا الإجراء قد يكون من باب ابتزاز الخليج والمملكة السعودية بوجه خاص، وقد صرح أيضا بأنه سيقف وراء المملكة السعودية ضد أي عدوان يستهدف أمنها، ولو أن هذا الوقوف سيكون مقابل مليارات الدولارات التي تحتاجها الولايات المتحدة التي تعاني من ضائقة اقتصادية فرضتها مشكلة "كورونا".
ومن المؤسف جدا أن ينزعج بعض اليمنيين، بخاصة حزب التجمع اليمني للإصلاح، من بايدن وسياسته الجديدة، بل بلغ بهم الأمر إلى اعتبار بايدن حظا سيئا على المنطقة، فهذا التوجه الإصلاحي يذهب إلى أن اليمن سينهي مشكلاته عما قريب، وستجفف ينابيع الدولارات التي تصب في جيوب الانتهازيين، أصحاب فنادق الرياض والقاهرة وإسطنبول.
إن من المفارقات العجيبة أن يسعى بعض اليمنيين لتدمير وطنهم مقابل ملايين الدولارات والريالات والدراهم التي تحاول قدر الإمكان أن تبلغ بعض أمانيها والمتمثلة في احتلال الموانئ اليمنية وفك عرى الوحدة اليمنية التي بذل في تحقيقها كثير من أبناء اليمن في القديم والحديث والمعاصر، دماء سالت في السهول والنجود، وكان على "الصبية" الأغرار من أبناء مشائخ الخليج أن يراعوا ثلاثة أمور استراتيجية:
الأمر الأول: أن شعب اليمن من الصعب اجتثاثه لأنه حضارة رائدة في المنطقة وفي العالم، بل من المستحيل هذا الاجتثاث، لأن أي شعب حضاري لا بد أن تكون جذوره ضاربة في أعماق التاريخ، وهي ملاحظة صارح بها الأستاذ المرحوم محمد حسنين هيكل، الرئيس المصري السيسي الذي طلبه لاستشارة، فيما إذا كانت مصر تستطيع أن تكون ضمن العدوان على اليمن مقابل أن تحصل على بضعة مليارات من السعودية ودول الخليج، لتفك أزمتها الاقتصادية.
الأمر الثاني: كان على "صبية الخليج"، ونعني بذلك الولد الغر محمد بن سلمان وصاحبه محمد ولد زايد، أن يفقها مسار حركة التاريخ، ويعملا حسابهما لحركة متهورة دونما تأسيس على معطيات التاريخ والجغرافيا والواقع بشكل عام، وهو ما لم يحدث، بل عمل هذا التهور على إغراق الخليج والسعودية والإمارات بخاصة، يتمثل ذلك في بداية الفقر الذي بدأ يطل على البلدين.
فالسعودية بدأت تميل للاستدانة وتضع ما يمكن أن يطلق عليه "الشحاذة" من الدائنين وبيع أسهم في شركات عملاقة تخص السعودية بخاصة شركة "أرامكو"، والكلام نفسه في ما يتعلق بالإمارات، إذ هبط مستوى الدخل إلى درجات مهولة نتيجة شراء الأسلحة التي لم تستخدمها بلدان إنتاجها، كتجريب لمدى الصلاحية، ويعلم الجميع أن مفاخرة أمريكا بأسلحة جوية وبرية وبحرية قد أسقط في رقعة كاملة من جغرافية العالم لأنها لم تعد قادرة على بلوغ الأهداف التي يريد أن يحققها الأمريكيون بخاصة مقومات "الباتريوت" ومعطيات إحدى الدبابات الـ"إبرامز".
نعود فنختم القول بأن على كل اليمنيين بمن فيهم حزب الإصلاح أن يعيدوا ترتيب أولوياتهم، وأبرزها ضرورة الإيمان بالوحدة الجماعية وراء هدف كبير هو بلوغ اليمن أهم أمنياته المتمثلة في تحقيق تنمية شاملة تعوض اليمن ما فاته من حياة تليق به كشعب إنساني يطمح أن يكون سعيداً على وجه الأرض.

أترك تعليقاً

التعليقات