الإعصار اليمني
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
الإعصار بمفهومه اللغوي حركة طبيعية تتمثل بريح صرصر ترتفع في الهواء بشكل حلزوني لتقتلع كل شيء. وقد أرسل الله مثل هذا الريح (الإعصار) على قوم عاد: «وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم».
والحقيقة أن هذا العنوان بما فيه من عنف وتعنيف إنما كان نتيجة لتراكم كثيف وجم أحاط بالأمة من زمن بعيد وظل يتراكم ويتراكم حتى لا تنفع معه ثورة أو يخرجنا منه انقلاب. بعبارة ثانية إن قيادتنا الثورية الحكيمة بزعامة قائد الثورة (وفقه الله) إنما أطلقت هذا الإعصار ليأتي على الفساد والمفسدين وليستأصل شأفة التخلف وكل ما ينتمي إلى السلبية، بسبب هو حافز لكل جهد صغر أو كبر، ليدفع بعنوان المسيرة القرآنية إلى حيث ينبغي أن تنتهي، وفي القرآن نورٌ وهدى وبصيرة.
ولقد عرفنا من خلال التاريخ النبوي كم هي العقبات الكؤود التي واجهت هذه المسيرة في صبيحتها وضحاها وظهرها ومسائها، وهي نفسها العقبات التي يبتلي بها الله اليمنيين ليشكروا أو يكفروا، فما عاناه هذا الشعب المظلوم من زمان بعيد لا تطيقه الجبال فقراً وجوعاً وتخلفاً، مما يستعصي على الترقيعات والإصلاحات المتواضعة. ولعل أهم عقبة كؤود تقف في طريق الشعب اليمني تحول بينه وبين حقوقه المشروعة تتمثل في هذا العدو العربي، الذي إن استنطقنا التاريخ لقال لنا بوضوح شديد: إنه عدو مستحكم، يكن للشعب اليمني المؤمن كل عداوة ظاهرة وباطنة.
والإعصار الذي أطلقته ثورة 21 أيلول/ سبتمبر يعبر عن كمية السخط والغضب الذي يكنه الشعب اليمني المظلوم لهذه الأسرة الحاقدة التي ينطبق عليها قوله تعالى: «لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود». ولسنا بعاجزين عن أن نرصد الحقائق التي تشير إلى استحكام هذه العداوة في قلوب أهل «اليمامة»، أحفاد مردخاي الذي يستدعي تاريخ بني قريضة وتحفيزه على الثأر من أحفاد الأنصار الذين طردوا «خيبر» وإخوانهم «قريضة» خارج نطاق المدينة التي نورها الله بنبيه الكريم (عليه الصلاة والسلام).
إننا نفهم «الإعصار اليمني» إضافة إلى كونه ثأراً لصنيع هذه الأسرة الطاغية القاتلة التي أثارت وتثير الفتن في كل مكان من المحيط إلى الخليج تحقيقاً لـ»إسرائيل من النيل إلى الفرات»، ومصداق ذلك ما صرح به الوريث الطائش محمد بن سلمان لجريدة «أتلانتك» من أنهُ ليس بينه وبين «الإسرائيليين» أي عداوة وإنما «إسرائيل» حليفٌ تجمعه بهم مصالح مشترك.
نقول إننا نفهم هذا الإعصار أشمل من كونه ثأراً لظلامات يصطنعها السعوديون صباح مساء، وإنما تعني فيما تعني الإعصار ضد الفساد المالي والإداري الذي ظل يمتص دماء اليمنيين الفقراء ويعمر بجماجمهم قصوره الباذخة وعقاراته المترامية الأطراف في الداخل والخارج، ويرصف أرصدتهم في بنوك لا يعلمون حتى عددها لكثرتها، فنوقف زحف هذا الفساد بالمحاسبة والمساءلة، وقد أفادنا صنيع المحكمة الجزائية التي أحالت إلى «الحارس القضائي» ملفات كثرا لاسترداد بعض حقوق الشعب المنهوبة.
وإننا على ثقة أن هذا الإعصار الذي يطمع أن يحقق ما حققه إعصار عاد من اقتلاع هذا السرطان الخبيث في الداخل والخارج الذي يعيش على دم الشعب يكاد يخنقه من كثرة ما جثم عليه وامتص دماءه. وإننا كلنا إعصار ضد الفساد ما ظهر منه وما بطن، وكلنا مطالبون بأن نفهم هذا الإعصار بمفهومه الشامل. «ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز».

أترك تعليقاً

التعليقات