فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

ابتلى الله شعوب العالمين العربي والإسلامي بحكام كل واحد أكثر جهلاً من الآخر. وإذا كان لواحد خاصية علم فهي القدرة على اللصوصية والسرقة والنهب معاً، وبالتالي وإن تعجب فعجب قول قائل إن هذا الحاكم، رئيساً، شيخاً، ملكاً، أميراً، يستطيع أن يقرأ سورة لطيفة قصيرة من سور القرآن الكريم، أو ينطق على نحو فصيح مقطعاً من عشرة أبيات شعرية أو عشرة أسطر نثراً! وقرأ الملك الراحل (... ابن سعود) رحمه الله آيات لطيفة من أواخر سورة "عم"، فقال أحد الجالسين: "الكفر ألطف"، رحمه الله. أما جالس آخر فكان موضوعياً عندما سأل سؤالاً فيه ألم وحرقة وغصة: يا رجال إذا افترضنا أن جلالته تقدم لشركة أرامكو بطلب وظيفة ماذا سيعين جلالته كمواطن عادي؟! أجابه أحد الجلوس: إن الله لا يضيع أحداً من خلقه، فما دام تعالى قد خلقك فإنه قدر رزقك. وسألت قروية من قرى محافظتي التي كانت تسمى "تعز": إلى أين يا أخي قد وصلت في حفظ القرآن؟ فأجابها: وصلت لتلك السورة التي تقول: "ما لكمش دخل مني ولا لي دخل منكن"، يعني صورة "الكافرون"!
إن من يقرأ نفاق هؤلاء الحكام ودون أن يتصفح سيرهم الذاتية سيقف على حقيقة واضحة مؤادها أن "الدينا على الله". ويحكى أن أحد أبناء هؤلاء الحكام كان إذا مرت أمامه امرأة قال: "اللهم حسّن خَلْقي وخُلْقي"، ونصح جلساءه أن يدعوا هذا الدعاء اتباعاً للهدي النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، فقد روى "سمو" الأمير الحديث مصحفاً (غلطاً)، والحديث على وجهه الصحيح: "كان الرسول الكريم إذا رأى أو نظر وجهه في المرآة..." والفرق واضح، فالهمزة هي المشكل. ومن باب الإنصاف أن بعض الحاكمين كانوا يتفقدون أبناءهم أصحاب السمو الأمراء ثقافياً على نحو صنيع الملك فيصل بن سعود. وفي واحد من أحاديث الأمير الشاعر عبدالله الفيصل عن أبيه أنه كان يتفقد أبناءه وبناته بالمعرفة والعبادة، حتى أنه كان يقطع مصاريفه اليومية عن كل من لم يحضر صلاة الصبح أو دروس الظهيرة. وكان هذا سلوك أئمة اليمن من زمن بعيد. وهناك قصة مضحكة فلقد أرسل أحد مشائخ اليمن ولده من تعز إلى مدينة زبيد ليكون عالماً في المستقبل، فأقام وليمة ضخمة على شرف تخرج ولده، وبعد أن فرغ الناس من الغداء أراد الشيخ الوجيه أن يستعرض ولده أو يعرض ولده حديثاً، فبعد أن بسمل الولد وحمدل قال: "باب الحيض..." فبادره الوالد الشيخ بقوله: "إف يا ابني! الله ما يخبرش بالخزا"! 
وعوداً على بدء فإن القاسم المشترك بين حكام العرب والمسلمين هو الجهل المطبق. وهذه وجهة نظر بعض الحكام يستحلون دماء رعاياهم لأنهم متفقون، ومن لم يمت بالسيف صعقته الكهرباء!

أترك تعليقاً

التعليقات