فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

وهكذا عدت من مصر محمد علي باشا وعبدالناصر، وحتى أنور السادات صاحب كتاب "يا ولدي هذا عمك جمال". لم أطق أن أسأل زملاء تعرفت عليهم لأول مرة: هل "كازينو النيل" لما يزل في مرحه وفرحه؟! حتى صاحب "دار المعارف" لم يعد صافي التركيز حين سألته عن كتاب الناقد الكبير محمد مندور: "النقد المنهجي عند العرب"، قال: للأسف لا يوجد. وعلى بعد 3 أمتار رأيت مجموعة نسخ! حاولت أن أمضي بعض الوقت في الدار أتصفح بعض عناوين قبل أن أذهب إلى الرجل أدفع ثمن كتاب "النقد المنهجي"، خيفة أن أحرج الرجل الذي اعتذر من 10 دقائق لعدم وجود الكتاب. 
شعرت بحزن الأرصفة حين لم تعد عامرة بعشرات الصحف وكتب التسلية وكتب ومحلات يسارية شريفة ذات طابع محترم مثل "روز اليوسف" التي أسستها السيدة فاطمة اليوسف أواخر القرن الـ19، وهي والدة الأديب الكبير إحسان عبدالقدوس صاحب روايات "لا أنام" و"الوسادة الخالية" و"الرصاصة لا تزال في جيبي" التي أصبحت فيلماً سينمائياً قام ببطولته الفنان محمود ياسين، وروايات أخرى كنا نتبادلها قراءة ونقاشاً وأول الأمر وأواخره تحليلاً جنسياً برفقة زملاء على رأسهم الأخ عبدالملك المخلافي، الذي كان مناضلاً ناصرياً وأصبح مناضلاً "رياضياً" (نسبة لمدينة الرياض عاصمة مقبح بن هلكان). ولم تعد قاهرة المعز ولا حتى قاهرة سامية جمال أشهر راقصة في الشرق الأوسط، ولم تعد قاهرة أي حاجة جميلة، غير قاهرة الفرح الجميل.
حاولت أن أشرب الشاي "الكشري" في أي مقهى قاهري، كاتب القاهرة تستدل به على سهرها حتى الرابعة صباحاً، غير أن هذه المقاهي اختفت تحت وطأة الفاقة والخوف والكوليرا وكورونا! أما صاحبي فأزعجه اعتذار "اليمنية" من النهار إلى المساء، وسأل الموظفة: هل فعلاً عندنا طيارة؟!

أترك تعليقاً

التعليقات