فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

بئست القدوة الداعشية هي، فما كانت عقيدة اليمانيين ولا أعرافهم ولا تقاليدهم تسمح أن يعذب اليمني عدو حتى الموت، وإنما كان الغريم يواجه غريمه بالسلاح الصقيل، خنجر أو رصاصة، وجهاً لوجه، بكل مروءة ورجولة. وأذكر في هذا المقام قصة واقعية حدثت، وذلك أن (س) قتل (ص)، فأقسم (م) أن ينتقم لأخيه، وبعد أعوام من الترصُّد والتربُّص، حانت الفرصة. كَمَنَ هذا الأخ الغريم، أعني أخا المقتول، لقاتل أخيه وقطع على القاتل الطريق، ولكن شاء الله أن يتحول الثأر إلى مسامحة وعفو. خرج القاتل إلى خارج السيارة وناشد أخا المقتول أن يمهله مسافة الطريق، وقال له: لو سمحت لا تقتلني أمام الأطفال والنساء، دعني أروح بهم إلى البيت وأعود إليك لتفعل ما تريد، وإذا كنت مصراً على قتلي، فنذهب وراء الأكمة فاقتلني هناك كي لا يشاهدني أهلي وأطفالي وأنا أُقتل، فساعة فقط مسافة الطريق وأعود إليك، وقدراً سبق. وقال القاتل: ولن يكون هذا اليوم آخر لقاء بيني وبينك. فكان قدر الله أن سمح أخو المقتول لغريمه بالسير، وهو متردد بين أن يصدق غريمه فيتركه يمضي، وأن يقتله جزاءً وفاقاً. فقال له: أوافق، على أن تعود مسافة الطريق، كما اقترح صاحب الثأر. وإذا بالقاتل يعود وحده ليقول لأخ القتيل: أمهلني لأصلي ركعتين. فاغرورقت عينا صاحب الثأر. بالدموع وقال للقاتل: مثلك لا ينبغي أن يموت. وقف صاحب الثأر جانباً وعمل اتصالاً مع أهله بأن يعدوا أهله مائدة يحضرها أهل القرية. طعم الناس الغداء وقام فيهم قائلاً: مرحباً بهذا الحشد الكريم، وسرد القصة... ثم قال: عفوت عن فلان مكافأة لصدقه ونبل مروءته. نعم، هذا ما يحدث في المجتمع اليمني، فنحن نشاهد وعلى مرأى ومسمع من الجميع أكثر من عفو عن القاتل بعد أعوام من التربص والكمائن والانتظار، وهذا ما لم يحدث في أي مكان آخر، وهو مصدق بين يدي المرحوم هيكل عند حضوره مقر رئيس جمهورية مصرية العربية، عبدالفتاح السيسي، يستنصحه هل يقبل دعوة محمد بن سلمان "مقبح بن هلكان" لقتال الإيرانيين والمجوس في اليمن، فقال: يا فخامة الرئيس، إن الشعب اليمني مستودع حضارة لم يبلغها كثير من شعوب العالم، والدليل على ذلك أن مائة ألف جندي مصري قتلوا في ذلك القطر البعيد، وكون مصر تمر بأزمة اقتصادية سوداء فعندنا من البدائل ما يجنب مصر حرباً قد تسفك الكثير من الدماء في حرب يعلم الله متى تنتهي. كان على الشقاة (الأشقاء) السعوديين أن ينتبهوا لمعطيات هيكل، وهو "البعد الحضاري" الذي من علاماته خمسة من اليمنيين الحفاة يشرفون على حواضرنا المحتلة جيزان وعسير ونجران، منتظرين إشارة القيادة ليحرروا هذه الأراضي المحتلة، لتعود إلى أهلها. وإن غداً لناظره قريب.

أترك تعليقاً

التعليقات