فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
سوف أتجاذب اليوم أطراف الحديث في الأدب، أو بالتحديد في فن الأدب. وقبل أن أباشر المجاذبة، لا بد أن أقف عند عتبة من عتبات النص لصاحبها "رولان بارط" تتمثل في التنويه بالفكرة التي تقول إن حكاية الأعصر الأدبية مصطلح مقارب ليس إلّا، بمعنى أن الأعصر ليست على وجه التحديد، ولكن على جهة المقاربة، فأستاذنا المرحوم الدكتور شوقي ضيف كتب سلسلة "تاريخ الأدب العربي" بدأها بالعصر الجاهلي، فصدر الإسلام، فالعصر العباسي الأول، والعصــــــــر العباسي الثاني، وعصر الدول والإمارات في كتابين، فالعصر الحديث... هذا "التعصير" يستلهم في ما يستلهم الجغرافيا والزمان، مستضيئاً بالعلم الوضعي، الموضوعي (العلمي) الذي وضعه العلامة الفرنسي "تين" و(روفتير) و"داريوت"، فدرس الأدب كما درس طبيعة النبات وفصائل الحيوان... إلخ.
وقدم بين يدي كل عصر مؤثراته السياسية والاجتماعية والاقتصاديـــــة والنفسيــــة، فالباحث في فن الأدب لا يمكنه أن يدرس أبا نواس الحسن بن هاني دون أن يدرس الحياة الأدبية والسياسية والثقافية في البصرة ولا يتجاهل اصطخاب الأفكار وتلاقحها، حيث المسلم يحاور اليهودي والنصراني والمانوي والدهري والشافعي والزيدي والمعتزلي والسني والجبري والقدري... بل إن مذهب الواقعية الاشتراكية لا بد أن يدرس الناقد النص الأدبي والأديب وفق ما يسمى جدلية "علاقات الإنتاج"، فالأدب إن هو إلا مؤثر اجتماعي أو هو الانعكاس لحركة المجتمع (نظرية الانعكاس).
وإذا كان النص الأدبي نصاً مفتوحاً (Open Text) فإن بعض النقاد قد ترسم صنيع "تين" فدرس الشعر القديم على هذا النحو. طه حسين في "حديث الأربعاء"، إذ درس الشعر القديم في الجزء الأول وخصص الجزء الثاني للشعر العباسي، أما الجزء الثالث فجعله للشعر الحديث. أما درس الأدب والأديب وفق اتجاهات خاصة، فهو صنيع الأستاذ العقاد: "أبو نواس" وفق علم النفس، ومحمد النويهي: "شخصية بشار"... وسوف نكمل في حديث آخر بعض هذه الاتجاهات.

أترك تعليقاً

التعليقات