فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
في مدونة «الأشتر» الجديدة لنا بعض الملاحظات البنيوية التي أرجو أن تفهم فهماً صافياً خالصاً من كل شائبة أو نائبة.
وأولى هذه الملاحظات أننا نؤمن -كما من كتبها يؤمن- بأنها قابلة للنقد والنقاش والحذف والإضافة، فهي ليس ديناً ولا عقيدة، وإنما تنطلق من مفهوم ديني، بعبارة ثانية أن هذه المدونة ليست معلوماً من الدين بالضرورة، وأحسب أن من كتبها مثلي ومثل من نؤمن نكبر أن من كتبها يعلو صوته غيرة على من انتقد بعض ما جاء فيها بل كل ما جاء فيها بأنه خارج على الصوت الوطني والقداسة الوطنية. ولكني أؤمن وأظن غيري كثيرين يؤمنون جميعاً بأن هذه الوثيقة تمثل ضوءاً باهراً للذين يسيرون في طريق ما زالت الخطوات عليه تحتاج إلى مزيد ضوء ووضوح علامات.
وثاني هذه الملاحظات أن هذه المدونة إنما تخاطب فئة من أهل الخدمة المدنية ينبغي أن يكونوا قد بلغوا درجة من الورع والاستقامة والزهد سلفا كبيراً والإمام علي في عهده إلى الأشتر إنما خاطب من على شاكلته من المؤمنين القديمي عهد بالحق وأهله، وبالزهد وأهله، وتلقى الأشتر الخطاب من الإمام عليه السلام وهو يعلم يقيناً أن الإمام صادق الوعد نقي السلوك (نقي الجيوب)، ولذلك فإنه قد بلغت به درجة عليا من الإيمان ترتفع به إلى أن يعد النصح أمراً، وعد المخالفة فتنة وعذاباً عظيماً.
وبناءً على ذلك ينبغي أن نتكلم أو نعمل حساباً للفارق الزمني بين عصر الأشتر وهذا الزمن الذي فرضت معطياته فساد الحكام وحمل الرعية. لذلك لا أجد ضرورة لخطاب سلطوي متشنج لم يراعِ هذا المعطى.
أما ثالث هذه الملاحظات وهي الأهم فهي أن حقوق أهل الخدمة تكاد تكون غائبة، فهي قد بلغت في الغياب درجة تزعم أن كل موظف خدمة مدنية قد بلغ من الثروة والتقوى والإيمان ما بلغ بعض الصحابة الذين فهموا الوظيفة العامة، ولم يدر هذا المخاطب (بكسر الطاء) أن أرقى شهادة هي الدكتوراه وأن بعض دكاترة الجامعة بلغ بهم الوهن والجوع أن يعملوا مقاوتة وموظفي أفران وسائقي تاكسيات بالأجرة، وأن بعضهم سجن لعدم وفائه بالإيجار بعد أن طرد كثير منهم من السكن الجامعي لأنه بلغ درجة التقاعد وهي أقصى درجات جهنم، إذ يسأل الأطفال والدهم الأستاذ الكبير هل هذا هو جزاء الإحسان؟
رابع هذه الملاحظات هي نصيحة خالصة لوجه الله: أن يكون الجميع قدوة، وهو الضمان لهذه الوثيقة الراعية أن تتحقق في حياتنا على نحو يتجاوب فيه الجميع للحفاظ على وحدتنا الوطنية والتي يتآمر عليها أعداء الأمة، بضجة فجة وصفاقة لا يعرفها تاريخنا، بل ولا تاريخ العالم على مر الدهور.

أترك تعليقاً

التعليقات