فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

جيلنا الحالي وربما جيلنا القادم يفتقر للشاعرية، أي أنه ليس رومانسياً، شاعرياً، متفائلاً، مبتسماً... فهو جيل حزين جداً، مهموم جداً، متشائم أكثر جداً... فالبسمة بينها وبين شفتيه بعد المشرقين. وإذا جهل هذا الجيل عبارة "بعد المشرقين"، لكلاسيكية هذه العبارة، فعلينا أن نأتي بعبارة أخرى: بعد ما بين الحاكم العربي، زعيماً، أميراً، سلطاناً، فخامة، جلالة، وبين الديمقراطية!
جيلنا الحالي ليس رومانسياً، لأن العنوان الأكثر بروزاً، كدافع لهذه المدرسة الرومانسية، هو خيبة أمل الشباب الفرنسي من الثورة الفرنسية التي نادت بشعار "المساواة، العدل، الحرية"، ولم يحصل على الوجه المطلوب ما تضمنه هذا الشعار.
من حق الشباب ألا يبتسم، بل من حقه أن يغضب، بل أن يثور. ولقد آن للشباب العربي أن ينعى ثورته الربيعية بعد أن صادرتها الحزبية الملعونة. وهذا الشباب يحق له فقط أن يترحم على زملائه الذين سقطوا في ميادين التغيير، وليس من حقه أن يسأل القتلة، بل لا يعرف أين ذهبوا، فقط عرف هذا الشباب أن القاتل أو القتلة اعتلوا أسطح بعض البيوت وأطلقوا الرصاص وهرب بعضهم إلى معسكر "الفرقة الأولى مدرع" لصاحبها علي محسن الأحمر "وشركاه"، وأصبح شباب بعض ميادين التغيير مثل ميدان "سيدي بوسعيد" و"الحبيب بورقيبة" في قلب العاصمة تونس، هذا الشاب حزيناً جداً لأن إخوانه الـ6 ذهب اثنان منهم للمدرسة، وخرج 4 منهم للشارع لعدم امتلاكهم رسوماً مدرسية. سارق بنى 3 أدوار من بيع كتب المناهج وكراسي ودرجات وظيفية، بدل غياب أو مناصفة، وأستاذ لم يستطع سداد إيجار منزله، فأمر زوجته وأطفاله بالعودة إلى زريبة أبيه في الريف وباع ثور أمه وبقرتها وضغط على أبيه أن يرهن بضعة أمتار هنا للشيخ مصاص دماء القرية ليشتري الفيزا من وكيل مكتب صاحبة السمو الأميرة (...). ملاحظة: أصبح من حق صاحب سمو الأمير/ الأميرة الحصول، إضافة إلى رخص استيراد وتصدير وسجلات تجارية، على عدد من الفيز Visas حقاً مكفولاً.
لم يعد الشباب مبتسماً ولا رومانسياً، وهو يرى أخته على وشك الزواج تبكي كلما قرب موعد الزفاف لن تقيم حفلة المناسبة في صالة، لأن إيجار الصالة مائة وخمسون ألفاً، بينما اشتراها عريس الحارة بمائتي ألف. لم يعد الشباب رومانسياً وكل كتابات الواتس الذي استلف هاتفه من زميله المقوت في حدة، هذه الكتابات التي تنتهي بزعل وخصام، محورها لا يخرج عن الحديث عن الجمعيات التي ينبغي الالتحاق بها لتوفير إيجار الشقة والموقد أبو 3 عيون وفرش الإسفنج وبطانية "أبو تفاحة" تجلب النحس!!

أترك تعليقاً

التعليقات