فضول تعزي
 

محمد التعزي

#محمد_التعزي / #لا_ميديا -

كان الرئيس عبدالناصر صوت العرب. تزعم القومية العربية، منادياً العرب أن يعزموا ويجمعوا أمرهم ليكونوا أمة واحدة من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر. وفي مزدهر حياة هذه الدعوة تندّر بعض المثقفين في مصر، ولعله إبراهيم مدكور رئيس مجمع الخالدين (المجمع اللغوي)، وقدم ملاحظة أمام حشد من المثقفين، بعضهم يمتهن وظيفة "مخبر"، فنقل إلى الرئيس عبدالناصر قولة "مدكور": كيف لجمال أن ينادي بالقومية العربية وهو لا يعرف النحو؟! بينما شغلت جماعة من العلماء والمثقفين هذه المسألة، فاحتدم الجدل ليتجمع حول طرفين: طرف ينادي بتعريب العربية المصرية وتحريرها من العامية، ومن رؤساء هذه الدعوة مصطفى صادق الرافعي صاحب مؤلف "تاريخ الأدب العربي". ومن رؤساء الدعوة للعامية سلامة موسى. كما أن هناك بعض المثقفين: أحمد لطفي السيد وأحمد أمين وطه حسين، وقفوا بين بين. واقترح بعض المثقفين القائمين على المؤسسات الإعلامية، كأحمد فراج الذي تزعم "صوت العرب"، اقترح أن مَن يُلْحِن من مذيعي "صوت العرب" يُخصَم من مرتبه 5 قروش على كل غلطة، خاصة في نشرة الأخبار. فاتضح أن بعض المذيعين لم يعد يستلم مرتبه؛ لأن المرتب أصبح غير مستحق، لأنه أمضاه جزاء وفاقا في غلطات النحو والصرف وعدم جودة الإلقاء. 
وموقف طريف أن اقترح وزير الثقافة، النابغة عكاشة، أن يكون في كل مؤسسة ثقافية عالم من خريجي الأزهر. وذات يوم بعد رحلة شاقة أو على الأصح رحلات شاقة أمضاها عباس العقاد بين رئاسة جريدة "الرسالة" يستنكر تغييراً وحذف بعض عباراته، قيل له إن الرئيس جمال هو صاحب فكرة التصحيح اللغوي، فلما زيّد بها "أوي" المصحح اللغوي ذهب العقاد إلى مقر الجريدة حاملاً عصاه، فسأل عن المصحح فألقى عليه السلام سائلاً إياه: لماذا تحذف عبارات وتضيف أخرى في موضوعات العقاد؟! فأجابه المصحح: "يا شيخ، والعقاد يروح في داهية!". فلم يرَ الشيخ (المصحح) نفسه إلا وقد طار في الجو ووصل إلى الأرض، وبرك عليه العقاد وأوسعه ضرباً حتى كاد يموت. فألغت الرسالة فكرة "المصحح اللغوي"، فقام جمال بإلغاء المصحح من رئاسة الجمهورية.

أترك تعليقاً

التعليقات