فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
يذهب علماء الاجتماع وزعيمهم التونسي العلامة عبدالرحمن بن خلدون إلى أن العطاء هو أبرز أسباب جذب الأعراب «البدو» إلى «الولاء»، ولهذا عمدت دولة بني أمية إلى التركيز على استجلاب الولاء القبلي بالمال، ووجد في ثقافتنا ما سمي في القديم ديوان العطاء، واستمر هذا الديوان حتى عصرنا الجمهوري بتسميات مختلفة، كمصلحة القبائل، والسبب هو كسب القبائل إلى الصف الجمهوري، وسرت مقولة «يجمهر ليلاً ويميلك نهاراً»!
وقد ذكرنا قبل أن الإمام أحمد حميد الدين وصله خبر أن ولي عهده سمو الأمير البدر محمداً قد استمع لشلة وعلى رأسهم الأستاذ النعمان بأن يمنح رؤوس القبائل بعض العطاء ليفوز بولائهم، سابقاً عمه الحسن بن محمد حميد الدين منافسه الوحيد، فبذل لهم المال، وطلب الرئيس جمال عبدالناصر أثناء زيارته لليمن أن يلتقي بكبار المشائخ الذين كان ترفع إليه أسماؤهم مع شيء من المبالغة والتهويل بواسطة مخابرات القيادة العربية في اليمن والمشير السلال أيضاً، غير أن عبدالناصر لم يقدم –فيما قيل- غير قطع من القماش والأحذية – صناعة مصرية.
وقد نجد لهذا العطاء أصلاً في القرآن الكريم، إذ جعل الله للمؤلفة قلوبهم مصرفاً من مصارف الزكاة، وقد ذهب العلماء إلى أن ذلك كان في عهد الإسلام الأول، أما وقد استقر النظام الجمهوري فلا، والأمر عائد لتقدير ولي الأمر، والمسألة على خلاف بين العلماء!
نحن بمسيس الحاجة إلى دولة النظام والقانون، وهو النظام الذي ضربه «الزعيم» في مقتل، إذ ساد نظام بديل هو نظام الانتهازية وتقديس المصالح الشخصية وعلا صوت الأنانية حتى صم أسماعنا.
إن شعبنا اليمني لتواق أشد ما يكون التوق والشوق لدولة القانون، الذي هو المفتاح الوحيد لبوابة المستقبل المشرق الذي يطعم الناس فيه من جوع ويأمنون من خوف!
وعليه نقترح إلغاء هذا العطاء –إن كان لايزال موجودا- وتحويل مبالغه مساكن للفقراء الذين يؤذيهم قر الشتاء وقيظ الصيف.

أترك تعليقاً

التعليقات