فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

عندما نقول إن الحرب تقع بين دولة وأخرى، فإن الهزيمة المرَّة -بكل تأكيد- تقع على الطرف الذي لا يحسب حساباً دقيقاً للطرف الآخر، من حيث الكم والكيف، أي أن هذا الطرف المهزوم إما أنه يجهل الحرب وكيف تدور، وإما أنه قام بمغامرة يديرها بالاعتماد المطلق على الكبرياء والغرور الذي لا يحقق غير الهزيمة. وقد قص علينا التاريخ القديم والحديث أمثلة كثيرة من هذا القبيل. فمن تاريخنا الإسلامي كانت هزيمة محققة قد لحقت بالمسلمين، لولا عناية الله تعالى، حين اعتد المسلمون بأنفسهم فقالوا: "لن نُغلب اليوم من قلة". أما "أُحد" فإن المسلمين خالفوا أمر وتوجيه القيادة، فكان الأمر والتوجيه ليس له معنى حين أمر النبي الكريم أن يظل الرماة في ذروة الجبل (أُحد) ليحموا ظهور المسلمين، وألا تدفعهم الغنائم ليتخلوا عن المواقع التي حددتها لهم القيادة، فلما شغلتهم الغنائم خالفوا التوجيهات والتف القائد خالد بن الوليد وألحق بالمسلمين الهزيمة... وفي التاريخ الحديث اغتر المصريون بأعدادهم كثيراً واعتدادهم بقوتهم المسلحة ضد الكيان "الإسرائيلي" خاصة بسلاح الصواريخ (حائط الصواريخ) وبسلاح كاريزمي يمتلك ذلك في شخص عبدالناصر، فظنوا ذلك كافياً ولم يعملوا حسابات أخرى لما تسمى "العين القاتلة" (المخابرات) واعتمدوا من حيث الرصد من ناحية والتكتيك من ناحية أخرى، على معرفة ناقصة وعدة قديمة، فكانت هزيمة اعترف بها عبدالناصر فأعلن استقالته وانتحر المشير عامر، وقيل عن مقتله إما بالسم القاتل وإما برصاص الجنرال محمد فوزي. وصدرت إثر هذه الهزيمة المنكرة كتب ومذكرات تشرح وتفسر فيما كانت هذه الهزيمة، ولماذا، وأين؟ وذهب بعضهم ليفلسف هذه الهزيمة، ومن هذه الفلسفة أن الضباط الأشاوس والجنود المغاوير إنما كانوا في اليمن مما دعا عبدالناصر إلى إصدار أمره بانسحاب جيشه من اليمن. وبعضهم فلسف الهزيمة بالجسر الجوي الذي استجاب لبكاء جولدا مائير التي أعلنت موت "إسرائيل" إذا لم يستجب الأمريكان للنجدة السريعة... إلخ.
ولقد حصل للعقيدة السعودية وهي تخطط لتدمير اليمن أنها متناسية أهم معطيات الحرب وأخطرها على الإطلاق، وهو العقيدة القتالية، فلا عقيدة قتالية عند الجيش السعودي سوى المال الذي ظنت القيادة السعودية أنه البديل الأمثل لأي عقيدة، فذهبت تشتري المقاتلين من كل حدب وصوب، فباء ظنها بالخسران المبين، بينما المقاتل اليمني صدر عن عقيدة جهادية تثأر للمظلومين والمغتصبة حقوقهم والمعتدى عليهم، فخاب النجديون وخسروا.

أترك تعليقاً

التعليقات