فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / #لا_ميديا -

تكاد إعلانات الجامعات والمعاهد العليا توسخ شوارع أمانة العاصمة صنعاء وما جاورها، ترحب بالدولار وبالريال التي يضطر الوالد والوالدة توفيرها لابن فاشل لم تسعفه الجامعات الحكومية أن يكون ضمن أبنائها (غير الميامين) ليلتحق بركب هذه الجامعات الجديدة، فيدرس فيها كل شيء، طباً أو صيدلة أو حاسوباً أو أي شيء يروقه، ليطمئن كل من الأب الذي باع بعض أرضه والأم التي لم تسعفها بعض حلي مهرها أن ابنها الجامعي الجديد سيعوضها عند أول خطوة من تخرجه طبيباً يكاد يُحيي الموتى، أو على الأصح يكاد يميت الأحياء وهو على كل شيء قدير.
ولا نعلم إن كانت هذه الإعلانات تعرض على وزارة التعليم العالي عناية شيخنا الجليل "حازب" أم لا، فالمتفق عليه في كل بلاد الدنيا كالصومال وجزر القمر ألا يلصق إعلان جامعة أو معهد أو "معكرونة" إلَّا بعد اشتراط مواصفات معينة، والمأساة الكبرى أنه لا يدخل كثير من المرضى هذه المشافي مسنودين على سواعد أهاليهم إلا ويخرجون محمولين على رؤوس أهاليهم، مرددين ما قاله الشيخ كعب بن زهير: "كل ابن أنثى وإن طالت سلامته/ يوماً على ناقة حدباء محمول".
ومن الحقيقة أنه لا يغادر مريض مننا إلا بعد رهن ما يملك أو بيع لمن لا يستحق ليتم دفع مليونين أو ثلاثة، مع خصم بضع مئات لزوم ظنهم الحسن بالمشفى. ومات أحد أقربائي بمشفى (...)، ولم يخرج إلا بعد دفع "بضعة ملايين"، وخصم مليون من أجل طبيب، ولم أدر حتى الآن هل الخصم حقيقي. واقترح أحدهم ألا يأتي ببعض أهله ليقطعوا كلاهم أو بعض أعضائهم كتوفية لبضع مئات الألوف، ليتحرر المريض الذي كان صحيحاً وهو يدلف إلى المستشفى، وخرج ميتاً منه, من رهنه، أي من اشتراط المدير أن يظل الميت مرهوناً ببضعة ملايين، ولا ندري أين ذهب الدكتور فضل حراب الذي أزعج أصحاب المشافي بمحاسبتهم، وبدأ أهل الاستثمار في الصحة يعملون له حساباً، إذا وضع شروطاً لمن يفتح دكاناً ويسميه مستشفى، أو لمن يكون صحياً ليكون دكتوراً، وبكل صلف وتلقائية بجحة يرمى المريض الذي أماته المشفى في باحة الدكان (المشفى) حتى يدفع أهله الملايين لقاء موته وخروجه ميتاً بكل شفافية وقحة وعلق أحد أقرباء الميت: سلوا أهل المشفى هل يمكن بيع ميتنا رحمه الله قطع غيار لنسدد الرهن؟ وكان عليه أن يسأل الشيخ حازب فيجيب على السؤال!

أترك تعليقاً

التعليقات