فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

يقدم أي مجلس وزراء في أي دولة برنامجه الشامل تنموياً وسياسياً. وطيلة أيام الحكومات اليمنية المتعاقبة قدمت مجالس الوزراء وبحماسة بالغة برامجها. على أنه لم يتم إلا قليلاً شيء من التطبيق اليسير، لذر الرماد والعمى في العيون، ولم نر أو نسمع أن مجلس النواب في الشمال أو مجلس الشعب في الجنوب قد اعترض أو عارض أي برنامج وزاري، عدا التصفيق لآخر عبارة تضمنها هذا البيان أو ذاك، هذا التصفيق الحاد الذي يعني الموافقة، ويبدأ هذا الوزير عمله بعيداً عن البيان الوزاري الذي ألقي في مجلس النواب، وإنما سيمشي عمله أو أداؤه في ضوء بيان "لوبي" محكم أو مستحكم داخل هذه الوزارة أو تلك. بعبارة ثانية إن مدير مكتب "معالي" الوزير هو الوزير الفعلي، مع مدراء عموم الوزارة والذين على شاكلتهم يخضعون الوزير لابتزازه: هذا يا افندم يسير هكذا، وهذا يمشي كذا... بل إن غير قليل من الوزراء يحيلون الجواب أو الإجابات إلى مدير المكتب، ويكتفي هذا الوزير بالتوقيع وحسب، وبين فترة وأخرى يدخل المدير العام "المحترم" وبيده مظروف مزدحم بالفلوس أو: سأمر عليكم يا افندم في المساء بالملفات الأخرى للتوقيع من الوزير. أما الردود فهي بقلم "حضره" المدير العام الذي غالباً يكون قد أبرم اتفاقات مع صاحب الملف بنسبة معينة وهكذا.
إن من يسمع بيان مجلس الوزراء أو على الأصح بيانات مجالس الوزراء، من أول الثورة والجمهورية حتى جمهورية حزب الإصلاح، يذهب إلى أنه قد حاز خير الدنيا والأخرى. وبعبارة أكثر وضوحاً إن هناك انفصاما بين بيان الوزارة المذاع في مجلس الشعب أو مجلس النواب، وسلوك الوزراء، واسأل الموظفين في أي وزارة عن ثروة هذا المدير العام أو مدير مكتب الوزير قبل وظيفته في هذا المنصب وبعدها.
وقد كان أهل الأحزاب سنوا سنة قبيحة، وهي أن كل وزير يأتي من أول يوم دوام ومعه مدير مكتبه ليحقق معه ميزات اقتصادية أو حزبية أو كليهما معا، ولو أن هذا الوزير قد حقق نسبة ولو قليلة مما جاء في البيان الوزاري لكانت الدنيا بخير. وما يخشاه المرء أن يكون بيان هذه الحكومة "الإنقاذ" هو نفسه بيان حكومات سابقة!

أترك تعليقاً

التعليقات