فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

ربما كان العلم والسلطة لا يجتمعان. وأراد "الزعيم" القائد ذات يوم أن يكون طريفاً معلقاً على رقم التعليم العالي -مالياً- فقال إن الميزانية ضخمة فلم لا يكون التعليم الإعدادي واجباً على الدولة ويدفع من يريد مواصلة التعليم على حسابه؟! وعلق أحد الجالسين على اقتراح الزعيم: "أشهد لله يا فندم أن الإعدادية كفاية".
دافع كتابة هذه السطور المأساوية حديث دار بين راكبين من ركاب الباص، قال الأول: كنت أبايع بكتاب فأذهلني لأنه تجاوز 15 ألفاً! فقال صاحبه وهو يحاوره: مع أن لديك مكتبة عامرة! فعلق صاحب المكتبة العامرة: ألم تعرف أن رجال الله صادروها حينما "مسوني ذات ليلة" من ليالي شتاء 1985، ومحتمل باعوها، لأنها مكتبة نفيسة جمعتها من مصروف البيت على مدى 20 عاماً من عمري النضالي، فأنا متهم بالماركسية الكافرة، مثلما صودرت كتب بل مكتبات لمتهمين بالقومية والبعثية وأسماء أخرى! فاقترح عليه راكب فضولي أنك إن راجعت عليها مسؤولي أنصار الله يمكن استعادتها! فعلا صوته مستغرباً: تشتيهم يحبسوني؟! يا الله قد تخارجنا!
وجدير بالذكر أن ما كان يعرف بجهاز "..." كان أول ما يهجم على الكتب ويصادر مذكرات الهاتف، كون هذه المفكرة ستقدم "زبائن" جديدين. ومن الإنصاف أنه في عهد سابق خفت صوت المصادرة، مما جعل هذا المثقف أو ذاك يبيع هذه الكتب لشراء ما يحتاجه من طعام لأولاده، حيث يظل المثقف سواء أكان حزبياً أم غير حزبي، "حرافاً" تسخر منه نساؤه ورجاله من هذه الثقافة العقيمة التي لا تجلب إلا السجن والفقر وحسب، فالثقافة لا تؤكل عيشاً، فلا تطعم من جوع ولا تؤمن من خوف. وفي معلومة مضحكة وفي مكتبة ذهبت إليها لاقتناء كتاب، أضحكتني ألقاها أحدهم مفادها أن مثقفاً تم تعليقه، ساقاه إلى أعلى ورأسه ويداه إلى أسفل، فسخر مسؤولو "التعليق" من المعلق (بتشديد اللام المفتوحة) قائلاً: "ما شاء الله و... المناضلين!". قلت مقترحاً: إذا ما ضير مسؤولي جهاز "....." أن يقيموا معرضاً لكتب المثقفين ليعرف شعبنا كيف كان المثقف تنهب كتبه بتهمة العمالة والخيانة الوطنية بينما لم يجد طعاماً لأسرته؟! وأضيف اقتراحاً آخر وهو عرض أدوات التعذيب في عهد جيلين ماضيين، إن صح أنه وجد هذا التعذيب أم لا، ومن حق المسجونين أن يقيموا دعاوى ضد منتهكي البيوت الآمنة وبتهمة العمالة التي ظهر منها إلا عملاء السعودية وعواصم الخليج.

أترك تعليقاً

التعليقات