فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
ضمن حركة نقدية، دار الكلام حول مذهب الواقعية، والواقعية الاشتراكية بخاصة، وربما كان هناك موقف توافقي بين أغلب النقاد أن المذهب الواقعي هو الأفضل بين المذاهب أو المدارس الأدبية، لأن الأدب الواقعي هو الذي يرصد الأحداث ويشخص المواقف والمواقع ويساهم في وضع الحلول والمعالجات لكثير من مشكلات الحياة. أما المعارضون لهذا الاتجاه فقد ذهبوا إلى أن مهمة الأدب تختلف تماماً عن مهمة أو مهات كالتاريخ والاجتماع والفلسفة، فمهمة الأدب وجدانية، وإذا نظرنا من حيث كونها ذات رسالة فهي ترقية الوجدان وإحياء الشعور وإشعال البداهة الغافية!!
لقد كان للأدب، وللشعر بوجه خاص، دور خطير وكبير في مسار الحركات الثورية في كل المنطقة العربية. وكان الأمر مزعجاً للاستعمار الذي تقاسم الوطن العربي، فالشرق للإنجليز وشمال أفريقيا للفرنس والطليان... وهكذا.
قام الشعر العربي بتوعية الأمة، فانبعثت الثورات تطرد المستعمر ولو بالتضحية بالنفس والمال، ما جعل الاستعمار وذيوله ينكلون بالشعراء، فقام هذا الاستعمار بنفي قسري لكثير من الشعراء، إذ نفى رائد النهضة في الشعر العربي الحديث محمود سامي البارودي إلى جزيرة «سرنديب» في آسيا، ونفى الشاعر الكبير أحمد شوقي إلى إسبانيا... وللعلم فإن كلا من البارودي وشوقي من الاتجاه الكلاسيكي والإحيائي. وفي اليمن كان للشعر دور ثوري مهم في تحريض الشعب اليمني على الثورة والعصف بالحكم الرجعي المتخلف. وكان الشاعر الشهيد محمد محمود الزبيري في أول قائمة الشعراء الشهداء، والذي تنبأ بموته أو على الأصح باستشهاده من أجل الوطن:
بحثت عن هبة أحبوك يا وطني
فلم أجد لك إلا قلبي الدامي
فاستشهد في قمة جبل من جبال برط، وهو يبحث عن الجمهورية التي وهب من أجلها أجمل سنين عمره، كما وهب كثير من زملائه الشعراء أجمل سنين حياتهم، كالموشكي وأحمد الشامي وآخرين.
إن الثورات في الوطن العربي هي ثورات شعرية أدبية، روادها كبار الشعراء والأدباء الذين كانوا مشاعل هدى في ركب الحضارة المعاصرة، واستثاروا الأمجاد الغابرة واستنهضوا الأمة من نومها لاستشراف حضارة جديدة. وغداً موعدنا مع شاعر عروبي هو الأستاذ عبدالله البردوني.

أترك تعليقاً

التعليقات