فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
ربما أفدتُ من علم النحو العربي فكرة أحاول أن أطورها، وهي أن المعارف جميعا تكون في الإنسان، رجلا كان أو امرأة، ما يسميه النحو «العهدية»، فعلى سبيل المثال إذا أعرت إنساناً كتاباً لمدة شهر ثم به تأخر فترة فتراه لتسأله أين الـ...؟! فقد يعتذر لأنه بسبب ما لم ينجز العهد، فتسمى «العهدية» و»الذهنية»، بعبارة ثانية إن العهدية تقوم بإنجاز احترام الوقت وبلاغة الكلام، وتفصيل ذلك أن احترام الوقت يتمثل في أن السامع لا يحتاج إلى كثرة الكلام، فيكفيك مؤونة الشرح والتفصيل. ومن حيث بلاغة الكلام يكتفي السامع بالعبارة، وهو ما يسميه علماء المعاني «البلاغة»، وقد قال خلف الأحمر، أشهر اللغويين في المجال العربي في العصر العباسي، معرفا البلاغة بأنها «اللمحة الدالة».
أقول هذا كي لا أكرر القول بأن رجل المرور ليس عدواً لمركبة أو سائقها عندما يغير اتجاه الطريق، فقد تكون هناك إصلاحات وعقبات طارئة تحول دون سير المركبة بسلام، فيضع بعض إشارات مثل «الاتجاه لليمين» أو «أمامك مطبات»... ونحو ذلك، فهذه وظيفة المرور التي ينبغي أن يحترمها سائق المركبة وبمخالفته لها قد يصدر عن ذلك حوادث مؤذية.
أحياناً أتلقى إشارات ثقيلة العتاب خاصة من رجال القضاء أو من التجار أو من المسؤولين الذين يرون في النقد عدواناً وسوءاً، وهم بذلك لا يعتذرون وإنما يطمع كلٌّ منهم بأن يخلو له الجو ويستمر بانحرافه بشكل مُعاند. وينبغي على هذا أو ذاك أن يعلموا كل هذا، وأن النقد الحقيقي صورة من صور السنن الكونية، فللمزارع توقيتاتٌ بموجبها يحصد أو يزرع ويراعي متطلبات ما يزرع أو يحصد من توفير الأسباب التي تعينه على الزرع والحصاد والنقد. فكرة رجل المرور عندما ينبه إلى انحراف في الاتجاه أو الانطلاق في مسيرة غير مضمونة النجاح والسلامة، وربما يستمر هذا القاضي الجاهل الفاجر في غيّه وضلاله لا يردعه ضميرٌ ولا وزير، وقد يستمر مدعي الطب في قتل الناس دون معرفة، وقد يستمر ضابط لا يحترم مركزه العسكري ولا واجبه الوطني في عملية تهريب أو استغلال هذا المركز في إيذاء الناس ومشاغلتهم، ولذلك فلينتبه لانحراف القاضي والطبيب والضابط أولو الأمر، فيقومون المعوج ويهدونه إلى سواء السبيل.
والصحافة الحرة لها قوامة ينبغي أن تحترم، فهي تشير إلى الخلل وتدل على أنجح الطرق لتجاوز السلبيات الاجتماعية. وليس من شك في أن النقد قد يكونُ مندفعاً، وإنما العذر في ذلك ما يسببه السلوك المعوج من إزعاج للكاتب الشريف والإنسان الذي يحترم مبادئ عمله. وفي القرآن الكريم تنديدٌ بهؤلاء الذين يستكبرون بغير حق فينظرون إلى أنفسهم بمنظار العصمة الفوقية، وعدم الاحترام لنصيحة أو عظة أو عبرة.
لقد يكون اليمني فخورا بالكلمة الشريفة التي تستهدف الإنجاز المحترم. ونطمع أن يشعر اليمنيُ بواجبه إزاء وطنه وأمته، وهذا ما يلحظه حقيقة لا خيالا قارئ صحيفة «لا» بقيادة فئة من الشباب ذوي الرصيد الوطني والنضال الذين نعتز بهم على الدوام.

أترك تعليقاً

التعليقات