فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
عندما تكثر النصوص القانونية فهذا يعني أن المجتمع غير متجانس، كأن يكون مجتمعاً إثنياً متعدد المعارف والثقافات والأخلاط العرقية والجنسية، وأنه مجتمع قد وصل إلى درجة خطيرة من التعقيد، فتحاول التشريعات القانونية فك الاشتباك بأساليب غير مواجهة تتسم بالنقيض. تحاول بعض النظم في البلدان النامية -ومنها بلادنا- استنساخ قوانين مستوردة اقتضتها ظروف تاريخية معينة، خاصة في بداية الثورة اليمنية 62، إذ استدعت مرحلة تأسيس الدولة الإفادة من قانون الجمهورية المصرية، خصوصاً قانون الجيش المصري، وكذلك الطيران والخدمة المدنية والقضاء... إلخ، وإن كانت هذه القوانين التي أفادت من قوانين القطر المصري الشقيق قد خضعت بحكم الطور الاجتماعي في بلادنا للكثير من التنقيح والتهذيب. وما دعاني لتحرير هذه السطور هو أن بلادنا التي -وللأسف- التي لم تعش مرحلة استقرار كافية تتطلب ظروفها الحالية أن تعيد النظر في بعض القوانين والتشريعات التي لم تزل تحاكي بعض القوانين التي خضعت بلدانها لكثير من التعديلات، ومنها قانون الإحالة على المعاش بعد مضي أحد الأجلين، بلوغ الـ60 عمراً أو مضي 30 أو 35 عاماً خدمة. وهنا ملاحظتان فارقتان: أن هناك فرقاً بين المجتمعين اليمني والمصري، فالأول تكاد الأمية تشمل 50% من تعداد السكان، بينما الثاني نسبة الأمية فيه تقل عن 30%، وقد صدر قرار مجلس الدولة المصري بآخر من الزمن فمنح استثناء لأساتذة الجامعات يقضي بتمديد المدة لهذه الفئات باعتبار أنهم يؤدون جهداً فكرياً وذهنياً، وكلما مرت مرحلة من العمر يكتسب أستاذ الجامعة فكراً جديداً، فهو جهد ذهني وليس جهداً عضلياً مرهقاً. وفي بلد كاليابان يكون القرار للمعلم في المدرسة والأستاذ في المعهد والجامعة، فلا يعفى من الخدمة أو يحال للمعاش إلا برضاه، وفي هذه الحالة يمنح ضعف المرتب والمكافأة. وقد كانت السيدة إنجيلا ميركل، مستشارة ألمانيا، موفقة غاية التوفيق عندما طلب موظفو الحكومة مساواتهم بالمعلمين، فقالت لهم: "هؤلاء الذين علموكم".
وباختصار: تحتاج بعض القوانين واللوائح إلى مراجعات تأتي على كثير من الخلل، انطلاقاً من المصلحة العليا للوطن الذي عانى كثيرا من الفساد والتمييز.

أترك تعليقاً

التعليقات