فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

ما هو جدير بالتاريخ أن بعض مؤرخي ثورات اليمن ينحازون إما لجهلهم بمنهج الكتابة فتدخل التفاصيل والهوامش بـ"المتن" والعكس صحيح، وإما أن يضطر المؤرخ إلى المجاملة فيقدم المؤرخ إنساناً ليس من حقه التقديم ويؤخر آخر ليس من حقه التأخير. وقد كان سبب هذا التقديم والتأخير الفقر الذي لحق بالثوار الحقيقيين، فاخترع المخترعون "ديوان مناضلي الثورة" أسوة بـ"ديوان المحاربين القدماء"، فدخل في الديوان ملكيون وجمهوريون... الخ.
إن ثلاثة أجيال من أبناء ثورة 26 سبتمبر لم يقفوا على الحقيقة التاريخية التي تشكلها الأسئلة الآتية: لم قامت الثورة؟ ومن هم أبطالها الحقيقيون؟ ومن وقف في وجه الثورة؟ ومن وقف معها... وسألت طلاباً جامعيين: من الذي رأس الجمهورية اليمنية؟ فكان الترتيب على النحو الآتي: الإمام، السنيدار وعلي صالح عفاش والدكتور السلال وعبدالرحمن المروني والإمام طاهر البيضاني... واختتمت طالبة شاعرة بآخر رئيس للمملكة الجمهورية المتحدة عبدالرحمن الآنسي!! طبعاً أمر يصل حد الخرافة المقتولة ضحكاً ومأساة، فهل يعقل أن يكون الطلاب و"الطالبة" جهلة إلى هذا الحد؟! الجواب: "برسم" الجامعات والمدارس والمعاهد اليمنية ونقابات المعلمين وسائقي الفرزات بين المحافظات... ولو كانت الكتابة التاريخية منهجية وموضوعية لعرفنا من هو الثائر ومن هو الجامد أو الخامل!!
إن الذين كتبوا عن الثورة والثوار كثيرون؛ ولكن كيف نستطيع أن نقف على الحقائق وهي التي تشكل أحداث التاريخ مرتبة ومنطقية؟! لقد ذكر السيد أحمد محمد الشامي -رحمه الله- أن الإمام أحمد حميد الدين غادر تعز إلى عدن لاسترجاع أخيه سيف الإسلام إبراهيم وهو الملكي بن الملكي، لكي لا يكون رافعاً لمعنوية الثوار أو على التحديد حزب الأحرار الذي تشكل من الأستاذ النعمان والعزي محمد محمود الزبيري والسيد أحمد محمد الشامي صاحب "رياح التغيير في اليمن"... الخ. دفعني لكتابة هذه السطور عنوان كتاب مثير هو "وثائق ندوة الثورة اليمنية: الانطلاقة ـ التطور ـ آفاق المستقبل" (جزء خاص، وثائق من الأرشيف الأجنبي، 62 ـ 67، صادر عن دائرة التوجيه المعنوي، 2008).
إن هذا الكتاب يحتاج إلى قراءة متأنية والوقوف على مدوناته، ليستطيع قارئ هذه التاريخيات أن يميز بين المواقف والأحداث وما يحتويه هذا الكتاب من دليل دامغ معطى واقعياً، وهو أن الخط الأجنبي الذي يحقق المنفعة إنما ينطلق من المنفعة المباشرة التي تكتب بأقلام المراسلين في الداخل والخارج، جواسيس ومخبرين.
إن الأرشيف الأجنبي حافل بالحقائق. وقراءة هذا الكتاب حافل بإحداثيات وضعها الأجانب بخاصة، إما لتزييف التاريخ وإما لإضافة أكاذيب أو حقائق لأكاذيب. وبه نستعين.

أترك تعليقاً

التعليقات