شعبذة!
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
منطق صحيح وهو أنه عندما يغيب العلم تظهر الخرافة، وعندما يغيب أو يعجز عالم الشهادة يظهر عالم الغيب!! بعبارة ثانية: عندما لا يوجد طبيب كفؤ يستطيع وصف وتشخيص المرض، يذهب المريض إلى المشعبذ، وهناك علاقة طردية بين اختفاء الطبيب وظهور المشعبذ. ولعل ظاهرة عيادات التداوي بالقرآن الكريم تغالب عيادة الدكاترة فتغلب الأخرى الأولى!
لا ننكر أن الاستشفاء بالقرآن الكريم وأم الكتاب جزء من مكوننا الثقافي الإسلامي، فمن يكفر بالسحر فهو كافر، فالشياطين يعلمون الناس السحر، «فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه» (البقرة 102).
نعم لا ننكر هذا؛ ولكن ننكر أن يصير فشل الأطباء إلى درجة أن نلوذ بعالم الجن والسحرة والمشعبذين. إن طبيعة البشر تلوذ بعالم الغيب عندما يغيب عالم الحس. ومن الغريب المفارق أن لعالم الشعبذة والكهانة والسحر حضوراً في عالم الغرب الصناعي المادي المتقدم، وهناك الكثير من روّاد الصناعة وعباقرة المال والإعلام في كل فن من يؤمن بفاعلية الجن والتنظير والسحر!
في برنامج تلفزيوني استطلاعي حول السحر رأيته سمعت شاباً يقول إنه مسحور وأنه عندما يريد زيارة أهله في محافظة أخرى، ما إن يصل القرية حتى يعود إلى مكان انطلاقه الأول، كأن أحداً يمنعه من دخول البيت! ومسألة السحر والأسحار تتعدى إلى موضوعات اجتماعية خاصة، ففي قريتي يقوم أهل العريس بتقديم مبلغ مالي إلى مشعبذ ليكتب «عزيمة» يعلقها العريس على ساعده ليتمكن من «وطء» زوجة بسهولة، وإذا أرادت امرأة أن تشتت شمل النسوة عن زوجها فإنها تذهب لهذا المشعبذ أن يعمل لزوجها كتاب «محبة» فلا يحب غيرها... وحكايات كثر أبية على الاستقصاء تدلنا على أن بقايا العقائد البدائية مازالت تتناسل بقوة، وليس في محيطنا اليمني وحسب، ولكن في المجال العربي والإسلامي معاً. وهنا ينبغي أن يقوم المنهج المدرسي والإعلام بتسفيه هذه الأحلام والأوهام. ولدور منبر المسجد النصيب الأكثر وفرة في هذا الأمر. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أترك تعليقاً

التعليقات