خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
تقاس النجاحات في كل الدول بعدة معايير، أهمها: نسبة قدرة الدولة على توفير أساسيات الحياة للمواطن. ومن أهم هذه الأساسيات الغذاء والدواء. والتوفير هنا لا يعني تغطية الاحتياج من خلال الاستيراد، وإنما الاكتفاء الذاتي زراعيا وصناعيا بأكبر قدر ممكن، بحيث لا نستورد من الأساسيات إلا ما نضطر إلى استيراده، وذلك يساهم بشكل كبير جدا في استقلال القرار السياسي، فمن يملك أمنك الغذائي والصحي يتحكم بسهولة في قرارك السياسي.
وبالنسبة لنا في يمن الإيمان والحكمة، وفي ظل تعرضنا بشكل مستمر منذ ثمانية أعوام لأبشع عدوان شهدته البشرية، كانت الأولوية في التوجه الأساسي لعلم الهدى قائد الثورة (سلام ربي عليه) هو التأهيل والتطوير في الجانب العسكري (بشريا ومن حيث العدة والعتاد) بما يمكننا من مقاومة وصد العدوان الكوني، فكان إشراف السيد القائد على هذا الجانب مباشراً وكلياً، ولهذا تحقق نجاح باهر جدا بفضل الله عز وجل، ثم بفضل قائدنا الحكيم.
ورغم ذلك الانشغال إلا أن قائدنا لم يغفل عن ملف الاكتفاء الذاتي الزراعي، وكذا الصحة العامة. ولم تكن المعوقات والعراقيل أقل من الجانب العسكري، بالإضافة إلى إهمال شديد ولا مبالاة، وفي أحسن الأحوال تنفيذ توجيهات السيد القائد بشكل منقوص ومغلوط، ولم يكن الالتزام بتنفيذ التوجيهات في الجانب الإداري والمؤسسي بشكل عام كما تم في الجانب العسكري، وبعبارة أصح: هناك من استغل انشغال قائد المسيرة بالإشراف على الجانب العسكري والتصنيع الحربي، فحدث انحراف عن المسار وخيانة للعهود.
وعموماً، يوجد عدة ملاحظات بشأن الصحة والزراعة، وبعض التوصيات والمقترحات، وهي كالتالي: 

أولا: ملف الاكتفاء الذاتي الزراعي
صحيح أن هناك تطوراً وتقدماً وبعض الإنجازات في الجانب الزراعي؛ لكنه بطيء وقليل بالمقارنة مع ما يجب. وكم هو مؤلم عندما تواجه اللجنة الزراعية السمكية كمّاً هائلاً من العراقيل والمعوقات والإهمال واللامبالاة التي تعيق عملها في إطار الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الزراعي. والأكثر ألماً أن تتسبب بهذه العراقيل بعض قيادات في الدولة والمحافظات وفي وزارة الزراعة نفسها، في حين يجب أن تكون عاملاً مساعداً وميسراً ومسهلاً لكل الإجراءات التحديثية والتطويرية في الجانب الزراعي، باعتباره أهم جانب وهو الأساس الذي سيرتكز عليه استقلالنا السياسي، فمن يتحكم بأمنك الغذائي سيسهل عليه التحكم بقرارك السياسي كما سبق ذكره، بمعنى أنها جزء من العدة التي أمرنا الله عز وجل بإعدادها لمواجهة العدو. وبهذا الشأن نرجو ونأمل عمل اللازم وفق برنامج متكامل يشمل أهم الإجراءات الواجب اتخاذها، ومنها مثلا:
1- وضع خطة عملية لكل ما يتعلق بالزراعة في كل المحافظات من أول خطوة في الزراعة إلى الإنتاج والتسويق، وبما يخدم الوطن للوصول إلى الاكتفاء الذاتي زراعيا. وهذه الخطة يجب أن تشمل الأراضي الزراعية كاملة في كل محافظة، سواء كانت ملكاً خاصاً أو ضمن أملاك الدولة.
2 - وضع خطة تسويقية للمنتجات بما يضمن استفادة المزارع والمواطن في آن واحد. فمن الملاحظ إغراق السوق في فترة بسيطة بمنتج زراعي معين وافتقار السوق لهذا المنتج بقية العام، وهذا بسبب خلل في التخزين والتسويق. وبالإمكان تدارك ذلك من خلال دراسة الاحتياج والاستهلاك والكميات المنتجة ووضع الخطط التسويقية والتخزينية بما يحقق الهدف.
3 - وضع خطة لتحويل بعض المنتجات الزراعية إلى منتجات صناعية (فواكه مجففة، عصائر، صلصة، شطة... إلخ)، بما يضمن عدم ركود أو تلف وانتهاء بعض المنتجات دون الاستفادة منها، باعتبار إنتاجها يفوق الطلب والاحتياج.
4 - تشكيل لجنة مختصة لدراسة وضع كل مزارع الدولة (سردُد، الجرابيح، رصابة... إلخ)، وتحديد المشاكل التي تعاني منها كل مزرعة وإعداد الحلول والمعالجات، وكذا إعداد رؤية تحديثية وأخرى تطويرية، فمزارع الدولة هي كنز مدفون، والاهتمام بها سيكون له مردود كبير جدا يفوق كل التصورات، وسيساهم بنسبة كبيرة جدا في توفير الغذاء. وحاليا لا يوجد أي مزرعة حكومية ناجحة. وفي المقابل تشهد المزارع الخاصة بالمسؤولين نجاحاً باهراً. وهنا علامة استفهام تفرض نفسها؟
5 - منع إدخال المبيدات المهربة بشكل نهائي، والتشديد والحرص على ذلك، باعتبارها مبيدات قاتلة للأرض والإنسان ومسرطنة وغير مرخصة ومنها منتهية الصلاحية وأخرى مغشوشة ومزورة، وكذا إغلاق المعامل الداخلية التي تصنع مبيدات زراعية غير مطابقة للمواصفات والمقاييس المطلوبة وبدون تصريح وترخيص ورقابة، وكذا المعامل التي تعبئ مبيدات زراعية في عبوات خاصة بمبيدات مرخصة، وهذه الإجراءات تتطلب حزماً وشدة وعقاباً وعدم الاكتفاء بمصادرة الكميات، وإنما معاقبة المهرب أو مالك المعامل الداخلية والغشاش والمزور، باعتباره قاتلاً للأرض والإنسان، وليس مجرد تاجر فاسد، وهو لا يقل في إجرامه عن الخائن للوطن.
6 - الاهتمام بالزراعة المائية، فهي طريقة حديثة ولا تستنزف المياه، ومن الواجب المتابعة والتنفيذ لكل الطرق الحديثة في مجال الزراعة بكل تفاصيلها، بما فيها طرق الري الحديث، ويجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون في المجال الزراعي.
7 - الاهتمام بالأراضي الزراعية ذات الملك الخاص، التي باتت قاحلة بسبب ترك ملاكها لها، بسبب قلة الحيلة أو لأسباب أخرى إلى أن بارت بعد أن كانت أراضي خصبة. يجب أن يكون هناك برنامج لإعادة تأهيل هذه الأراضي، وكذا الاهتمام بإعادة زراعة أراضي الدولة (سواء كانت أوقافاً أو ملك الدولة) في المناطق الزراعية، ومنع تراخيص البناء في الأراضي الزراعية منعا باتا.
8 - الاهتمام بالابتكارات والاختراعات التي تخدم مجال الزراعة، وضرورة تبني مشاريع صناعتها واستخدامها في الواقع العملي لترى النور ولا تظل اختراعات غير منفذة على أرض الواقع.
9 - إعداد دراسات خاصة بمشاريع تجعلنا نستفيد من مياه الأمطار، وبالتأكيد سيكون العنصر الأهم في هذه النقطة هو إنشاء وتشييد هذه المشاريع، وعدم الاكتفاء بإعداد الدراسات فقط، وعندما نقول الاستفادة من مياه الأمطار فذلك يتضمن شيئين، الأول: سقي المزارع من السدود عبر مساقٍ تستفيد منها أكبر مساحة ممكنة من الأراضي المزروعة، والثاني: تغذية المياه الجوفية.

10 - استثمار بحيرة العرب الواقعة في باطن محافظة الجوف، وهي أكبر بحيرة مائية في الشرق الأوسط، مع العلم أن السعودية تنهب مياه الجوف من خلال ست عشرة محطة مائية، بحسب ما يتحدث عنه أهالي المنطقة.
11 - تشجيع الاستثمار الزراعي، وستكون البداية قوية في حال توجهت الحكومة للاستثمار في مجال الزراعة، وهذا سيشجع التجار وأصحاب رؤوس الأموال وتفعيل الجمعيات التعاونية، وسيزداد الاستثمار الزراعي وينمو بشكل كبير، كما أن ذلك سيعمل على تخفيف البطالة وستعمل كثير من الأيادي في المجال الزراعي، مع الحرص على أن يكون ذلك وفق خطط ودراسات جدوى ومستشارين وإشراف اختصاصيين، وألا تكون العملية عشوائية، لكي لا يتعرض المستثمر للخسارة.
12 - تخصيص الكميات اللازمة من الديزل للمزارعين بسعر مدعوم؛ كون أسعار الديزل تشكل العائق الأكبر في حراثة الأرض أمام أغلب المزارعين، لاسيما بعد حل مشكلة الري لدى الأغلبية عبر منظومات الطاقة الشمسية.
تحدثنا هنا عن مقتطفات ورؤوس أقلام باعتباره مقالاً وليس بحثاً أو دراسة.
وإن تم تنفيذ النقاط المذكورة فلن نصل إلى الاكتفاء الذاتي فقط، وإنما سنتحول إلى سلة غذائية للعالم بأكمله، فاليابان رغم افتقارها للتربة كونها واقعة على جبال وصخور إلا أنها وصلت إلى أن تصبح سابع دولة عالميا بالإنتاج الزراعي، بعد أن وفروا التربة الزراعية من خلال استيرادها وزرعوا كل شبر يمكن زراعته بما في ذلك أسطح وشرفات المنازل والمباني الحكومية؛ فما بالكم بالبلدة الطيبة (اليمن)؟!

ثانياً: الصحة والدواء
يجب إعداد وتنفيذ نظام صحي متكامل يصاحبه تقييم ومتابعة ورقابة مستمرة، والملاحظات في الجانب الصحي كثيرة جداً، وسنحاول التطرق إليها بشكل تدريجي. وفي هذا الحيز نسرد بعض الملاحظات، وهي كالتالي:
1 - الارتفـاع المفاجئ في رسوم الخدمـــات فـــي كــــل المستشفيــات الحكومية إجراء كارثي أدى إلى تفاقم معاناة الطبقة المسحوقة التي كانت ولا تزال الطبقة المستهدفة عندما تم بناء وتشييد المستشفيات الحكومية. والطامة أن هذه الزيادة لم يصاحبها تطور وتحسن في الأداء، ولا حتى إنصاف لموظفي المستشفيات، سواء على مستوى الكادر الطبي أو الإداري، فكيف تزداد الرسوم وتستاء الخدمات وتتقلص المستحقات ويتفاقم الظلم؟!
أعيدوا النظر في هذه المسألة، فالجبايات يجب أن يتبعها تحسن ملموس في الخدمة ومستوى دخل الموظف، لا أن تكون ضربتين في الرأس.
2 - الأجهزة الطبية المعطلة في كل المستشفيات الحكومية كثيرة جداً جداً، وبعضها لا يحتاج إلا لصيانة بسيطة للغاية. وهذا موضوع في غاية الأهمية؛ كون الإهمال هو السائد في هذا المجال. ولكم أن تتخيلوا أن أحد الأجهزة تم شراؤه بأكثر من ملياري ريال لمركز الأورام في هيئة المستشفى الجمهوري لم يصمد خمسة عشر يوماً، وتعطل بشكل يوحي وكأن التعطيل كان متعمداً. ليس هذا فقط، بل تم إهمال إصلاحه إلى أن بات كومة من الخردة في حوش المستشفى؛ لأن من الطبيعي أن يزداد الخراب في الأجهزة التي لا يتم إصلاحها وصيانتها بسرعة، فما بالكم أن يحدث ذلك قبل حتى أن يستخدموا الجهاز؟! والأكثر ألماً أن الجهاز تم إحراقه نهائياً، فمن المسؤول عن هذه الكارثة؟! ولماذا كل هذا التسيب والإهمال؟!
3 - المستشفيات الخاصة "واخذين راحتهم على الآخر"، هذه الفترة بالذات، وتحولوا من مراكز للتعافي والشفاء إلى مراكز سلخ وقتل، ويجب تفعيل الرقابة على المستشفيات الخاصة والتقييم المستمر لها بشكل حيادي ونزيه؛ فهذه أرواح ولا تحتمل الإهمال أو المحاباة والمحسوبية. وعلى فكرة، مسألة إغلاق المستشفيات الخاصة المخالفة تعتبر كارثة؛ لأنه إجراء يؤدي إلى حرمان أهالي المنطقة من الخدمات الطبية والصحية. هناك طرق كثيرة جدا للردع والعقاب، فبالإمكان تغريم المالك مبلغاً كبيراً وأخذ تعهد منه بعدم تكرار المخالفة، ومضاعفة الغرامة في حال تكرار المخالفة، وبالإمكان حتى سجنه... ولا يكون الإغلاق إلا حلاً أخيراً ونهائياً، وليس من أول عقوبة.
4 - إذا سألتم: لماذا يلجأ المواطن إلى الأدوية المهربة؟ ستكون الإجابة هي أن ذلك بسبب الفارق المهول في سعر الدواء المهرب عن الدواء الرسمي، فمثلا اشتريت علبة دواء بـ16,000 ريال، وأخذت العلبة نفسها مهرب بـ3000 ريال، وهذا يعني أن المعنيين تركوا الأمر بشكل كلي لتجار الدواء في تحديد الهامش الربحي! وبالتأكيد التجار لن يرحمونا؛ لأن أغلبهم لا يخافون الله عز وجل. احكموا أسعار الدواء واضبطوا سوق الدواء بشكل عام ولا تتركوا الحبل على الغارب، فالشعب في ذمتكم!
5 - المستشفى (أ. س) في المرحلة النهائية قبل السقوط الوشيك؛ أي أنه في الهاوية، ويجب سرعة تدارك الموضوع وحل كل الإشكاليات التي يعاني منها المستشفى، وهو مشفى لبعض الجهات الحكومية نسبة فيه، وليس خاصاً تماما. وغالباً السبب هو سوء الإدارة، حيث بدأ المشفى منذ فترة يفقد كوادره الممتازة، وهي حالة مستمرة ولم تتوقف إلى الآن، وذلك بسبب توقف مرتباتهم وسوء التعامل، والغجرية التي يتعرضون لها باستمرار، وكأن الموضوع عبارة عن عملية ممنهجة بهدف تطفيش المؤهلين والخبرات للوصول إلى مرحلة الفشل والانهيار! وأقول "ممنهجة" لأن الإجراءات مرتبة ومنظمة، فمثلا: مغادرة أغلب أهم الكوادر تم بعدها عملية إحلال واستبدال وتمكين أشخاص غير مؤهلين لتولي المهام المناطة بهم، فمثلا لا حصرا: خبير التخدير الذي استمر في العمل بالمستشفى 18 عاما استُبدل به شخص لا يملك أي خبرة وليس لديه رخصة مزاولة مهنة التخدير، مما تسبب بالعديد من الكوارث، وكمثال آخر: نجد أن أغلب أجهزة المشفى إن لم يكن جميعها باتت متهالكة وعمرها الافتراضي انتهى ولا يوجد أي اهتمام وتوجه للتجديد والتحديث.
وكذا يظهر مخطط التدمير جليا في إغلاق مختبرات وصيدلية المستشفى، وفي المقابل تسهيل فتح صيدلية ومختبر أمام المستشفى.
الكثير من الأخطاء والتقصير تسبب كوارث عدة، وآخرها وفاة امرأة أصيبت بكسر، وبدلا من أن تكون العملية الجراحية سبباً في شفائها توفيت بسبب خطأ طبي لا يرتكبه شخص حاصل على دبلوم صيدلة.

الجدير بالذكر أن موظفي مستشفى (أ. س) ناشدوا معالي وزير الصحة، الدكتور طه المتوكل، واجتمع بهم وسمع منهم الكثير والكثير قبل ثلاثة أشهر، ووعد بسرعة حل كل الإشكاليات؛ وإلى اليوم لم يحدث شيء، مع العلم أن المستشفى أصبح مديناً بمبلغ لا يقل عن ستة مليارات ريال، والمديونية تزداد بشكل يومي، رغم أنه إيرادي، ورغم التهرب الضريبي والتأميني وعدم دفع الرسوم الحكومية المستحقة وكذا عدم صرف المرتبات وعدم صرف قيمة المستلزمات الطبية والأدوية، فيما يجري الحديث عن أن الإيرادات تستخدم في استثمارات شخصية، نظرا لوجود كثير من الاختلالات المالية في النظام المحاسبي الإلكتروني بشكل عام، وهي اختلالات متعمدة. منها مثلاً عدم تقييد بعض العمليات الحسابية في النظام.
وعموماً، يبدو أن الشريك السعودي في المستشفى يريد أن يوصل رسالة بأن هذا هو النموذج لإدارة الأنصار، مع أنه سبب كل هذا الخراب الحاصل بأيادٍ داخلية (الإدارة الحالية للمشفى)، فهل ستلتفتون لهذا الموضوع قبل حدوث الكارثة؟!
المهم، "زيدوا الحقوا المبنى والأرض، مش ما تدروا بعدا إلا وهن مرهونات".
6 - يجب إقامة المؤتمرات والندوات والورش، والتقييم المستمر وكل ما يضمن تحديث المعلومات والبيانات لدى كل الأطباء، وذلك للمواكبة والاطلاع على كل جديد، فمجال الطب يتجدد ويتحدث باستمرار، فيما يبدو جلياً أن أغلب أطبائنا لا يتابعون كل جديد، بما في ذلك تحديث الأجهزة والمعدات في المختبرات والمستشفيات.
7 - متابعة التراخيص الممنوحة للأطباء. وأكاد أجزم أن كثيراً من أطباء الأسنان بالذات فتحوا عيادات بالخبرة فقط، أو على الأقل قبل استلام الشهادة النهائية بعد إنهاء الفترة التدريبية العملية.
8 - سرعة استكمال تشطيب وتأثيث وتشغيل المركز الجراحي لمرضى السرطان، الذي تم بناؤه على حساب صندوق مكافحة السرطان، ولا يوجد مبرر لبقاء المبنى فارغاً وغير مؤثث وغير مشغل، وكل يوم يمر قبل تشغيله يعتبر خسارة للدولة ومعاناة للمرضى. وعلى حد علمي فإن هناك من يقاتل من أجل استكمال المشروع والبدء بتشغيله. فمن يقف عائقاً أمام تشغيل المركز الجراحي؟ ولماذا؟!
9 - "منظمة الصحة العالمية" اسم لكمٍّ هائل من الفساد والانتهاكات. والغريب أن ذلك يتم بمعية ومعونة أطراف ونافذين في الداخل. وبالإمكان الرقابة على أعمال المنظمة بما لا يؤدي إلى تطفيشها كما حدث مع غيرها، وعلى الأقل التزموا بعمل توريد وفحص مخزني لكل ما يصلنا من المنظمة من أدوية وأجهزة ومستلزمات طبية، ومن يرفض ذلك فإنما هو متورط مع المنظمة في عمليات الفساد. طبعاً، هذا غير الدور المشبوه للمنظمة في قتل المجتمع ونشر الأوبئة بعكس تسميتها.
هل بالإمكان أن تحصروا لنا كل ما وردنا عن طريق المنظمة من أجهزة وأدوية ومستلزمات على الأقل منذ بدء العدوان؟!
طبعاً، مستحيل؛ لعدم وجود التوريد والفحص المخزني، وهذا يعني أنه يمكن أن ما وصلنا هو 10% من الكميات المعلنة أو على الأقل من الكميات المعتمدة. انتبهوا لهذا الموضوع فهو في غاية الأهمية!
10- في الآونة الأخيرة، تم التوجيه بسحب المخصصات المالية لمكاتب الصحة وإيداعها في حساب مركز ديوان عام وزارة الصحة؛ بحجة توفير ديزل للوزارة، وهذا خطأ جسيم يجب تداركه والإبقاء على مخصصات مكاتب الصحة، فهي أحوج من الوزارة التي تتلقى الدعم ولديها مخصصات مالية لا يستهان بها.
11 - فليجرب أحدكم أن يدخل مركز الأورام في المستشفى الجمهوري وكأنه مريض أو لديه حالة مرضية، وسيشعر بأنه دخل وكر عصابات وليس مركزاً خدمياً لأكثر فئة تعاني. لم أتحدث عما سمعته ورأيته في هذا المركز؛ لأنه سيكون حديثاً تشويهياً، بينما غرضي هو التصحيح وليس التشويه؛ لكنني أدعو معالي وزير الصحة إلى إعادة النظر في إدارة المركز، ووضع خطة عمل للمركز تضمن أولاً إقامة الجلسات الإشعاعية؛ كل جلسة في وقتها بدون وساطات ورشاوى، وكذا منح المرضى تقارير طبية بدون تعقيدات، وإنهاء حالة السمسرة المستشرية في المركز، وتسهيل كل الإجراءات الطبية في المركز، ويكفي المرضى ما يعانونه من ألم وعذاب، فلا تفاقموا أوجاعهم بالإهمال والفساد!
12 - هناك نقطة مؤلمة جداً ولم أستطع أن أتخيل أن هذه الكارثة فعلاً موجودة إلا بعد أن اطلعت على الدليل بنفسي، وهي أن كثيراً جداً من الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة تنتهي صلاحيتها في مخازن وزارة الصحة ويتم إتلافها بدلاً من صرفها للمرضى، وهذه مأساة وكارثة يجب أن يلتفت إليها فخامة رئيس المجلس السياسي الأعلى بنفسه، علما بأن الأدوية التي تصل كدعم مجاني من المنظمات نجدها تباع في بعض الصيدليات، وهناك أدوية توشك على الانتهاء ويتم التواصل مع المراكز ويسألونهم هل هناك مرضى يحتاجون للدواء الفلاني؟
يتم ذلك قبل انتهاء الدواء بشهر أو شهرين، يعني باعوا ما باعوه والباقي على وشك الانتهاء رجعوا يدوروا مرضى يحتاجون إليه! طيب يا "مجرمين" ماذا عن الاحتياج منذ وصلتكم الأدوية؟! قاتل الله كل من يفعل ذلك أو يساهم فيه بشكل أو بآخر!
اعتبروا ما ورد أعلاه خارطة طريق قابلة للتعديل والإضافة، وخذوا كل الرؤى والمقترحات البناءة القابلة للتنفيذ حسب الممكن والمستطاع، وخذوا العبرة من الجانب العسكري والتصنيع الحربي، لله در القائمين والمشرفين عليه، وكل المجاهدين المخلصين الذين تمكنوا بفضل الله عز وجل من صد ومقاومة أبشع عدوان كوني لم تشهد البشرية له مثيلا على مر العصور.
نرجو التصحيح! نرجو الاهتمام! نرجو الانتباه!...

أترك تعليقاً

التعليقات

عبدالغني الولي
  • الأثنين , 14 نـوفـمـبـر , 2022 الساعة 10:13:30 AM

ماورد في مقال الاستاذ خالد العراسي بمثابة خطة تترجم الى اعمال ملموسة والرائع ان تتحدث عن مشكلة وتضع حلول وهذا هو اسلوب الكاتب العراسي واود ان اوضح بان الرجال في الجبهة الزراعية بقيادة السيد إبراهيم المداني رئيس اللجنة الزراعية والسمكية العليا يعملون بكل جد في سبيل تحقيق الاهداف وعلى راسها الاكتفاء الذاتي وذلك بناء على موجهات السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله الشكر لقلمك الحر وطرحك الموضوعي وفقك الله