كي لا يكون سلاحاً بيد عمرو
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
حسينَ العصرِ، يا قبساً من نور الإمام الحسين، شهيد كربلاء، وسيد الثوار والشهداء، حتى قيام الساعة، سيدي: أنا أحد المشمولين بنعمة الله التي تمثلت فيك، وعياً ونهضةً ومشروعاً، وجزءٌ من كيانٍ اسمه الشعب اليمني، الذي استظل بظلال الشجرة المباركة التي زرعتها بيدك، وسقيتها دمك الطاهر، فاهتزت، ونمت، واستوت على سوقها، محملةً بكل الثمر الذي من خلاله تُبنى العقول، وتزكو النفوس، وتُخلق الإرادات، وتتضح الوجهة، ويُعرف الدرب، وتستقيم الخطوات، وينضبط المسار، في إطار الإيمان، وتتحدد المواقع والمراتب والصفات والعلاقات بين الناس من موقع المعرفة لله، والإخلاص له بالعبودية، فلا امتياز لأحد على أحد إلا من خلال السبق في عمل الخيرات، والبقاء على العهد، صادقاً ثابتاً مبادراً ومسارعاً في مواطن التحمل للمسؤولية، وميادين الجهاد بشتى أنواعه، ولا فضل ولا منزلة لفرد أو طبقة أو قبيلة أو سلطة من شأنه أن يرفعه أو يرفعها فوق الناس، ويمنحه أو يمنحها شيئاً من التقديس والتكريم والتبجيل، إلا ذاك البعد الذي هو التقوى فقط لا غير، إذ بات التنوع والتباين والاختلاف الموجود في كل جيل من أجيال المجتمع البشري منطلقاً لتحقيق التكامل والبناء على الصعيد المادي والمعنوي لمجتمعنا، بعد أن وعى مفاهيم القرآن، واعتصم به، واتجه نحو العودة إلى ربه، وإن اختلف مستوى الفهم والالتزام لدى العاملين صعوداً أو هبوطاً من مرحلة إلى أخرى، ومن شخص لآخر، بهذه المفاهيم، فإنها ستظل حيةً حاضرة راسخة في وجدان الخلص الجمعي، متجسدة في حركتهم وأفكارهم، فمادام النهج هو القرآن، والمعبود هو الله، فسيصبح التعدد والتباين والاختلاف في المواقع والأعراق والألوان والأذواق والمواهب والميول والرغبات عاملاً من عوامل الإثراء للواقع، وتحقيق نموه وتقدمه، لكون الهدف هو رضا الله، ولأن العلاقة بالوجود والناس منطلقةٌ من العلاقة به سبحانه، لذلك يصبح الاختلاف موحياً لصاحبه بأن عليه دورا، يجب تأديته، لكي يلتقي مع دور وأدوار أخرى لآخرين، تنطلق لذات الهدف، وتسعى لذات الغاية.
سيدي: إننا نمضي مع حامل أمانتك، ولواء مشروعك، الممثل لامتدادك، سيد الثورة، أبو جبريل، رعاه الله، منتصرين على الاستكبار، نعي طبيعة الأخطار، ونحسب حساب كل التحديات التي يحاصرنا بها الأعداء، بالمستوى الذي لا يجعل لهم يداً علينا، وإلى الحد الذي يمنحنا القوة على إزاحة باطلهم، وتحطيم قواهم، بإذن الله.
لكننا نخشى من العدو الخفي، الذي لم يكن من ذات الجبهة التي تحزبت علينا، واجتمعت لقتالنا، وإنما هو محسوبٌ علينا، يجيد التلاعب بالألفاظ، ويحسن استثمار الفرص، ويعمد إلى ضرب القرآن باسم القرآن، تارةً برفعه على أسنة الرماح، وأخرى بتفريغه من محتواه، عبر منبر من منابر الحديث عنه.
نعم صرخنا، ونصرخ بوجه هذا العدو، ولكن سرعان ما تتلاشى صرخاتنا، لكون الكثير منا وقف عند حدود التلفظ بكلماتها، ولم يعطها حقها من الوعي والالتزام، فتتحول إلى موقف، وإن الأمل لايزال يحدونا، إلى اليوم الذي نرى فيه الصرخة سلاحاً وموقفا، وقولاً معززاً بفعل، وذاك ما يتطلبه السعي لبناء المتسلح قبل أن يرفع يده بذاك السلاح، لكي لا نراه وقد صار بيد عمرو.

أترك تعليقاً

التعليقات