العبرة بصحة الموقف لا المعلومة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يستطيع أعداء الثورات الشعبية، والنهضات التحررية القضاء عليها بأي شكلٍ من أشكال الحروب، مادامت ملتزمةً بنهجها ومشروعها، تعي من أين جاءت؟ ولماذا جاءت؟ وماذا يجب أن تعمل وكيف؟ وبماذا تبدأ؟ وإلى أين عليها أن تصل؟ وما هو الواقع والوضعية اللذان ثارت عليهما؟ وما الذي ستعمله لخلق واقع ووضعية جديدين، يختلفان تمام الاختلاف عما كان سائدا قبل انبعاثها، ويعبران عن طبيعة ما تحمله من فكر، وتسعى إليه من أهداف، وهذا ما يفرض عليها العمل على مراقبة نشاط العاملين، ورصد كل مواقفهم، وتتبع كل خطواتهم، لاسيما الذين يحتلون مناصب عليا، وتُسند إليهم مهام ومسؤوليات كبرى، وذلك من أجل الحيلولة دون تحولهم إلى طغاة ومفسدين وبغاة وظالمين جدد، حلوا محل سابقيهم، مع وجود اختلاف في الأسماء فقط، أما النفسيات، والسلوكيات والأساليب والممارسات فستظل كما كانت، والسبب، أن الثوار قد ينسون أنفسهم، ومهامهم، ومشروعهم، تحت تأثير الوضعية التي صاروا إليها، بحيث ينغمسون في نعيم وملذات الجاه والسلطان، بالمستوى الذي يدفعهم تحت طغيان هوى النفس، ليكونوا صورة طبق الأصل من النظام الذي ثاروا عليه، وتجسيدا حيا لامتداده في كل الساحات والمواقع الخاصة والعامة.
والمراقبة هنا ليست بقصد تتبع العثرات، لأجل التشهير والتشويه، وإنما هي تهدف إلى البقاء في حالة يقظة دائمة، وحضور تام وشامل في مواقع التربية والتزكية والتقييم والتقويم للعاملين، دون استثناء، ولا تغتر بأسبقية أحد، أو لقبه، أو مكانته وشهرته، فلطالما اغتيل الإسلام الأصيل بأيادي هؤلاء الكبار! والشواهد على ذلك قد بلغت من السعة والكثرة إلى الحد الذي جعلها فوق أن تعد أو تُحصى!
إن الذين يمتهنون الظلم والفساد لا يفتقرون إلى المعلومات التي تبين لهم الحق من الباطل، بل ربما لو طُلب من أحدهم الحديث عن القرآن، وعن قرنائه، وقبلهما عن الله، لتفوقوا على معظم المؤمنين الخلص بالله، والولاية، والعدالة، وسوى ذلك، ولا تستغرب عزيزي القارئ إذا قلنا لك:
إن أول مَن اتجه للدفاع عن حق الإمام علي عليه السلام، في الخلافة، بعد اجتماع السقيفة، هو أبو سفيان بن حرب، العدو التاريخي لله ورسوله والمؤمنين، قبل ذلك اليوم وبعده، وإن من نفائس ما قيل من الشعر بحق الإمام، أمير المؤمنين هي: قصيدة لعمرو بن العاص، إن لم تكن أنفس القصائد على الإطلاق، وأن الذي جرد سيفه دفاعاً عن بيت فاطمة، صار في ما بعد أحد رموز الفتنة يوم الجمل، فلنحذر السفيانيين، والعمريين، والجمليين في كل وقت وحين.

أترك تعليقاً

التعليقات