رواسب الوصاية
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -

قداسة النفس البشرية وكينونتها مكتسبة من منهاج وقيم، لا من عبثية ونقائص. والمغفلون دائماً يبتعدون عن صراط الخالق سبحانه وتعالى، وببعدهم عن الله تعظم أنفسهم ويصغر الله بعيونهم ويتسلل العجب إلى أعماقهم، فيبدأ "التفرعن" ينساب من بين جوانحهم، أنا مَن خلقت فلاناً ورزقت فلاناً وأحييت فلاناً وأمتُّ فلاناً، لولا وجودي ما وُجِد الكون، ولولا أنفاسي ما طلع الفجر.
عقول المدينة الحجرية ونتاج الحماقة الفرعونية ورواسب الحقبة العفاشية.
يحكى أنه قبل تولي أبي جعفر المنصور الحكم في دولة بني العباس انتشر الطاعون ومات الآلاف، وصادف أنه لما تولى كشف الله عن الناس ما هم فيه رحمة بهم، ولكن هذا المعتوه ظن نفسه سبباً لاختفاء هذا الداء، وهكذا لمثل هذا أبناء وأحفاد حتى اليوم.
وحينما صعد على المنبر قال: "أيها الناس، لقد كشف الله عنكم الطاعون ببركتنا". فقام أحد الناس وقال: "إن الله عدل، ومن عدل الله ألا يجمع بين الطاعون والمنصور".
لقد قال كلمة كان ثمنها رأسه، ولكنه قالها وحرك بها مجتمعاً خبت فيه أبجديات الثورة ورضع الناس محددات الهوان.
لكن الكرامة ليست قيمة نقدية أو صرفية أو مرتبطة بسعر الذهب، لا، بل قيمة إيمانية يحكمها منهج ويهديها أعلام هدى، وينير دربها سلوك نبوة، وهي تكتسب قيمتها من القائل: "ولقد كرمنا بني آدم".
وزمن العبيد ولّى ولم ولن يعودَ، والحر دائماً شعاره قول الشاعر:
ونحنُ أُناسٌ لا توسطَ بيننا
لنا الصدر دون العالمين أو القبر
وعليها نحيا وعليها نموت
أعني الكرامة والقيم والأخلاق.

أترك تعليقاً

التعليقات