الولاء للمشروع أم للمسؤول؟
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
في لقائه ببعض الإعلاميين والكتاب والناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي قبل أشهر من اليوم، وقف هذا المسؤول قائلاً لكل الحاضرين: نحن لا نخاف من الإعلام، ولا نهتم بما يُكتَب أو يقال، ومهما تحدث متحدثٌ أو كتب كاتبٌ حول أي قضية من القضايا، أو مجال من المجالات، فإن ذلك لن يغير من الواقع شيئا حسب تعبيره، وإن بلغ الحال بالناقد لوضعيةٍ ما، أو الداعي لإصلاح شيءٍ من الاختلالات في المسار العملي، أو المبادر بتوجيه النصح للمعنيين بضرورة وأهمية السعي لتحقيق إنجازٍ هنا أو هناك، أن ينفجر رأسه لشدة ما بذله من جهدٍ بهذا الخصوص، سواءً أكان هذا الجهد كلامياً أم كتابياً!
وبناءً على ما ورد على لسان عالي الجناب هذا، يمكننا استيحاء الملامح العامة للمستويات والأنماط الفكرية التي تسيطر على هذه العقلية، وتوجهها نحو بناء تصور عام لعالمها الخاص، بعيداً عن الحقيقة المنظورة من خلال الوقائع والأحداث التي يعايشها الجميع، ويحاولون كلٌ بقدر استطاعته وموقعه التوصل لفهم ما يجري، بغرض تحاشي الوقوع في المحظور، والأخذ بكل ما له علاقة بإنعاش الواقع وتطوره على كل المستويات، وأبرز تلك الملامح هي:
أولاً: النزوع إلى الفردانية بالمستوى الذي يجعل هذه العقلية لا تلتزم بمنهج، ولا تسير وفق مشروع، ولا تستجيب لتوجيهات علم هدى أو تلبي دعوته تجاه أي شيء، فهي القطب والمحور، ولا شيء معها أو دونها.
ثانياً: اقتصار الشخص على شلةٍ معينة من الناس، فلا يرى إلا من خلالهم، ولا يستمع سوى لهم، ولا يتعامل مع الأشياء والأشخاص إلا وفق ما يشيرون به عليه، وبالتالي فهم الثورة والشعب والجمهورية ومن عداهم منافقون ومرجفون وحاقدون وقليلو معروف ودين، وطلاب مصالح ومناصب، وكارهون للحق وأهله.
ثالثاً وأخيراً: عندما لا يستجيب الإنسان لله، ولا يسير وفق مشروع، ولا يصغي سوى لحفنة مطبلين ومرتزقة، وهو مع ذلك قادرٌ على فعل ما يريد متى شاء فإن قيمة الأشياء لديه باعتبار قربها من مطامعه ومطامحه ودورها في تقوية مركزه وتوسيع نطاق مساحة سيطرته ونفوذه، وليس باعتبار مدى اتفاقها أو اختلافها مع الحق والشرع والدين والأخلاق.
أما الحقيقة التي لا بد لمركز القرار من استيعابها فهي: أننا لا يمكن أن نوجد شيئاً من الاستقرار والنهضة، ما لم نتخلص من التعيينات القائمة على الولاء للمسؤول بعيداً عن الولاء للمشروع والثورة، ويصبح تفكيرنا بحجم شعب ووطن وأمة، لا بحجم الأصدقاء والأقارب والجلساء، ونحرص على تعيين الكفاءات بعيداً عن الانصياع لمبدأ التوازنات بين القوى أو الوفاق والمحاصصة بين التيارات والأحزاب، فاليمن اليوم لم يعد يحتمل وجود حكومة تعمل بشكل فردي ضعيف وهش، وهو بأمس الحاجة لوجود بنية إدارية حقيقية، تعمل على إقامة دولة المؤسسات التي تتولى القيام بواجب المسؤولية من خلالها فرقٌ بأكملها، بحيث تنتهي الفردانية التي سينتهي بانتهائها الشر والفساد، وتبعات الماضي بكل بواعثها وآثارها.

أترك تعليقاً

التعليقات