ورد ومورد «الحلقة الرابعة عشرة»
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا نزال مع الفقرة الأخيرة من دعاء الافتتاح، والتي تقدم لنا الأسس العملية لكيفية التزام الإسلام وتمثله بشكل كامل، وقد وصلنا إلى قوله عليه السلام: "وترزقنا فيها كرامة الدنيا والآخرة"، أي تجعلنا فيها ممن يعيشون الكرامة في دنياهم بما تم لهم من نصر وعزة وتمكين، نتيجة جهادهم في سبيلك، وسعيهم لإعلاء كلمتك، وما نتج عن ذلك من جزاء وعفو ورحمة لهم في الآخرة منك يا رب، حين فازوا بجنتك ورضاك.
ثم ينطلق الطلب منهم في تجسيد رغبتهم لبناء هذه الدولة الكريمة، من خلال ما يقومون به من حركة، وعمل، وانطلاقة، إذ يقولون: "واجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك"، وهذا يوحي لنا بأن على كل شخص منا أن يعيش الإسلام في عقله وقلبه، ويُرى في سلوكياته، وينعكس في شخصيته، ويتجسد في كلامه، وأن يكون داعية إلى الإسلام، مُرَغِّباً إليه، ناهضاً بواجب القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبارها فريضةً واجبةً شأنها شأن الصلاة والحج والزكاة وغيرها من الفرائض، ولا يجب أن يقتصر الإنسان على الطقوس دون أن يجسدها في حركته للدفاع عن الأمة، ومكتسباتها، ومقدراتها، ومقدساتها.
ثم نستوحي من قوله: "والقادة إلى سبيلك" أن على كل فرد منا أن يطور خبراته وقدراته ليكون قائدنا في مجاله، فالأمة تحتاج إلى قيادات في كل مجال من مجالات الحياة، والإسلام ليس دين كهنوت، إذ المسؤولية فيه عامة، تقع على عاتق الجميع، وعلى الجميع أن يعتبروا أنفسهم قادة، لينهضوا بمجتمعهم وأمتهم، وكما أن الهجمة من قبل الأعداء شاملة، فعلى الجميع أن يستنفروا كل جهودهم وطاقاتهم، لمواجهة التحديات، وكما أننا نحتاج إلى قيادات على مستوى الرجال، فنحن كذلك نحتاج إلى قيادات في الجانب النسوي، لما لهذا من أهمية في واجب التكامل بين المؤمنين، يقول تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض".
"اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه، وما قصرنا عنه فبلغناه"، اجعلنا يا رب من أولئك الذين يحملون مسؤولية ما علِموا من الحق، ويعملون بما عرفوا، ولا تجعلنا من أولئك الذين حملوا الحق ولم يعملوا به فقلت عنهم: "مثل الذين حُملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين".

أترك تعليقاً

التعليقات