جهاد الحفاظ على مكاسب الجهاد
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لطالما كان إحساس المؤمنين العاملين في سبيل الله بالقوة والمنعة، نتيجة خروجهم من حالة الضعف وانعدام الوزن، إلى حالة الامتلاء بمعاني العزة والكرامة، بعد أن قطعوا المسافات الطويلة، والدروب المضنية، جهاداً وتضحيةً وصبراً واستقامةً، في مواجهة الأعداء والظالمين المستكبرين الرافضين للحق وأهله، وحققوا الانتصارات عليهم تلو الانتصارات؛ دافعاً لكثير من هؤلاء العاملين في سبيل الله، الذين أصبحوا في بحبوحة السلطة، ولهم علو الدرجة والمكانة؛ إلى الاشتغال بقضاياهم وشؤونهم الداخلية، والتفرغ التام لأنفسهم، وتسخير كل ما لديهم من سلطة وقوة ومكانة ونفوذ لإشباع غرائزهم، وتحقيق أهدافهم الشخصية، وبلوغ كل ما يدفعهم إليه الهوى من أطماع ومكاسب مادية ومعنوية، كيف لا وقد تنامت في دواخلهم واتسعت عوامل البحث عن كل ما من شأنه أن يحقق لذواتهم الراحة والنعيم والسعادة والثراء والأمان، بعد أن تيقنوا من زوال الخطر الخارجي، وشعروا أن لا قدرة لأحد على زحزحتهم من أماكنهم ومقاماتهم أياً كان؟!
من هنا تبدأ الاختلالات، وتتعاظم الفروق والتمايزات بين العاملين، وتسود القطيعة بينهم وبين المشروع والقائد والشعب والواقع كله، إذ تصبح نظرتهم للحياة، وطرقهم وأساليبهم في الإدارة والحركة والتعامل مع المشكلات والتحديات والظروف التي يمر بها مجتمعهم؛ بناءً على ما تقرره الأهواء، ويتوافق مع الطبيعة والسليقة والمزاج لكل شخصية من هؤلاء العاملين على حدة، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى حدوث الفرقة والاختلاف، وكثرة النزاع والشقاق، كمقدمة حتمية للسقوط الكامل والمطلق والفشل الذريع، لذلك لا ينبغي السكوت على مثل هؤلاء من قبل المؤمنين الثوار الأحرار المجاهدين؛ لأن بقاءهم دون رادع سيفضي إلى ما لا تحمد عقباه، وليت الأمر سيقتصر على تحولنا من حالة القوة والمنعة أمام الأعداء إلى حالة الضعف فحسب؛ بل يتعداه إلى ما هو أبعد من الخزي والسقوط والفشل والمذلة وانعدام الوزن!
إن جهادنا للعدو المستكبر الصهيوني وربائبه من الأعراب والمنافقين؛ ينبغي أن ينعكس كذلك جهاداً في الداخل لكل مظاهر الظلم والفساد والتخلف والرجعية والاستبداد والقهر والعنجهية والتسلط والجهل والفقر والخرافة والاستحمار، ما لم؛ فستضيع كل هذه الانتصارات والإنجازات التي حققها الله على أيدي رجاله وجنوده في معركتنا مع العدو الخارجي، وتصبح كل هذه القوة المتراكمة بلا معنى، وتفقد الثورة هيبتها وقيمتها، ويختفي ويتلاشى نور المشروع، ويفقد معناه وجاذبيته.
فلنتقِ الله جميعاً، وذلك بالعمل على إيجاد حراك تعبوي وتوعوي شامل، هدفه وغايته تقديم المشروع للناس عملياً، بل حتى فكرياً وثقافياً؛ لأن هذا المشروع وهذه الثورة لايزالان مظلومين، وما هو موجود من أنشطة تثقيفية وتعبوية في الأعم والأغلب؛ باتت خالية من المضمون، عديمة الأثر والتأثير، إذ إن معظم المشتغلين بهذين الحقلين؛ باتوا يعملون لحسابهم الشخصي، أو لحساب شخص بعينه، أو مجموعة من الأشخاص من ذوي السلطة والجاه والنفوذ، الذين يجعلون من أنفسهم إطارا للكون، ووعاء ومادة للمشروع والثورة، وهذا ما جعل معظم المعنيين بتحمل المسؤولية؛ يبحثون عن الشهرة والصيت، ويعيشون حالة من التنازع والتحاسد، بدلاً من التكامل والارتقاء، وكلٌ يبحث له عن مهرجين ومطبلين بالحق وبالباطل.

أترك تعليقاً

التعليقات