ما يخشاه المقصرون اليوم
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
يخشى القائمون على إدارة الشأن العام في يمن الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر، وخصوصاً الذين أخذ أبصارهم بريق المنصب، وأغلق بصائرهم علو المقام، وشرف المنزلة، وأنستهم لذة التربع على فرش التضحيات، في ظل أشجار بستان التمكين الكثير من أسس المشروع الرسالي الذي أقسموا بالله جهدَ أيمانهم بأن يظلوا مستمسكين به، مخلصين في تمثله، مستوعبين لقيمه ومفاهيمه ورؤاه ومنطلقاته، عاملين بمقتضاه، مدركين أهميته، مستشعرين مسؤولية تبليغه إلى الناس جميعا بالحكمة، والموعظة الحسنة، واعتماد الأساليب التي تجتذب القلوب، وتفتح العقول، وتجتنب كل الأساليب التي تحول دون وصول المتلقي إلى الحقيقة، وتبتعد عن كل عمل أو إثارة فكرية كانا سبباً في عزوف الناس عن الاستماع لصوت العقل والضمير، وعاملاً من العوامل التي تقدم الفكرة ناقصة، أو مشوهة، أو مصابة بالتحريف الذي يخرجها عن سياقها، ويوظفها لخدمة الهوى والشهوات والانحرافات، يخشون من شيئين اثنين، هما:
1. التذكير بسيرة الشهداء القادة العملية، من خلال إحياء ذكرى استشهادهم، أو إعداد برامج ووثائقيات وتقارير وتحقيقات من قبل وسائل الإعلام عنهم، أو اتجاه الباحثين نحو دراسة شخصياتهم، وبحث حياتهم، والوقوف على المحطات التي صاحبت حركتهم الجهادية، من لحظة الانطلاقة حتى لحظة الاستشهاد، ومرد خشيتهم من هذا الأمر عائدٌ إلى مدى إحساسهم بالفشل والعجز عن فعل عشر معشار ما قام به أولئك العظماء الذين لو تمت للمجتمع المعرفة الحقيقية والكاملة بهم كنماذج ومثل عليا: لما وجد العاجزون والفشلة بين الناس مَن يطيل الكلام في مدحهم، ويكثر من الثناء عليهم، ويعظم قليل ما أنجزوه على ما فيه من نقص وشوائب وثغرات واختلالات وزخارف خادعة، بل لربما خرج الناس ليرجموهم بالحجارة في كل مكان، هذا إلى جانب وعي أولئك المقصرين أن: هذه الشخصيات المعطاءة إذا تمت إتاحة المجال للناس كي يتعرفوا عليها، فالنتيجة المعروفة سلفاً أن كل شخصية كفيلةٌ بإنشاء شخصية مماثلة لها، وضمن المجال الذي تحركت فيه، وهذا يمثل تهديداً لهم، وخطراً كبيراً على مواقعهم ومناصبهم، لذلك نرى التعامل مع ذكريات الشهداء القادة يسير في اتجاهين: الأول التفاعل النسبي والمكرور في كل عام، مع بعضهم، والثاني، التجاهل المطلق للبعض الآخر، والمرور على ذكراهم مرور الكرام.
2. وجود أي عمل أو جهد فكري وثقافي يمكن له أن يفتح آفاقا جديدة لحركة المشروع القرآني، ويسهم في تعزيز الوعي لدى عموم المجتمع بطبيعة ومبادئ وقيم ومكونات وأهداف المسيرة نهجاً وقيادة وخطا موصولا بزخم الثورة الدائمة، قائما على التذكر للنعم، والتفكر في الكون والوجود، يدعم الإبداع، ويحث على المسارعة، ومراعاة جانب التميز والكمال في كل عمل نعمله، لذلك كان لا بد من محاربة هكذا توجه، لأنه متى ما استوعب الكثيرون لهذا المشروع: سقطت وتلاشت وتبخرت مبررات بقاء العجزة والناقصين، والفاشلين والمرضى في موقع الصدارة على مستوى الواقع كله، ولوجد الناس من بينهم الجديرين بتحمل المسؤولية، الأمناء على ثورتهم ومكتسباتها الجليلة.

أترك تعليقاً

التعليقات