بعد أن نُعي الشعبُ إلى الشعب
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لم يبقَ هنالك ما يوحي بالأمان والاطمئنان، فقد تغيرت النفوس، وتبدلت الخطوط والأفكار، واختلفت الغايات والأهداف.
إن الثورةَ التي أطعمناها حبات قلوبنا، وسقيناها دمنا وعرقنا وماء الجفون؛ غادرتنا في نهار التاسع عشر من أبريل 2018م، اليومَ الذي ارتقى فيه أبو الفضل الصماد شهيداً سعيداً، اليومَ الذي ماتت فيه آمال وأحلام وتطلعات هذا الشعب المغلوب على أمره الميتةَ الكبرى، اليوم الذي سلبنا الأعداء الخارجيون، والمتربصون والمنقلبون على أعقابهم من الداخل حاضرنا ومستقبلنا، اليوم الذي نُعيَ فيه الشعبُ إلى الشعب، اليوم الذي لم نجد بعده سوى التدليس والتلبيس والنفاق والزيف والرياء والكذب والخواء الفكري والثقافي، والاستهتار والاستخفاف والاستهانة بالثورة والثوار المجاهدين، والإبعاد والإقصاء للأوفياء والمخلصين والأنقياء من صفوة هذا الشعب ونجبائه وعقوله وكوادره الكفؤة النزيهة القادرة على النهوض بواقعنا في مختلف المجالات، والتنافسِ القوي والمحموم على استرضاء واستقطاب الخونة والمنافقين والعملاء المرتزقة شذاذ الآفاق وعديمي الكرامة والشرف والرجولة، ومغازلةِ الأعداء من أعراب نجد، بني سعود بذرة بريطانيا الخبيثة في شبه جزيرة العرب، وصورة الوهابية الكاملة في تشددها وانغلاقها وظلمها وتحجرها وانحلالها وتحللها وعبثيتها، والسعي الحثيث إلى استحمار الشعب، من خلال تسليم مؤسسات ومراكز وقطاعات وقنوات ووسائط التربية والعلوم والثقافة والإعلام للعاجزين الأغبياء، الذين ليسوا أهلاً لشيء، فهم مجرد أشخاص مصابين بإعاقات مزدوجة أثرت على عقولهم، وأفقدتهم جميع الحواس، ولا حل إلا في إنزالهم داراً من دور العجزة، وتولي أمر معيشتهم حتى ينزل بساحتهم القضاء المحتوم من الله عز وجل، بذلك فقط سيسلم الشعب من شرهم وسوئهم.
لقد غادرنا كل شيء عظيم وجميل وذو قيمة ومعنى يوم أنْ غادر هذا الشعب روحه الرئيسَ الشهيد صالح علي الصماد، ومنذ ذلك اليوم وحتى اليوم دخلت الثورة في غرفة الإنعاش، وظلت بين الموت والحياة، وما تصدر العابثين والظلمة والمزريين المشهد إلا خير شاهد ودليل على غيابها الكلي والمطلق. صحيحٌ إن الثورةَ حاضرةٌ اليوم في ساحة الدفاع عن فلسطين قضية الأمة والإنسانية الأولى، وبمستوى لم يسبق لأحدٍ الوصول إليه، لكنها غابت كلياً أو تكاد من واقعنا، ولم نعد نرى باسمها سوى الذين يفسدونها من الداخل، ويثورون وينقلبون على كل مبادئها وأهدافها ومثلها وأفكارها، ولا صوت هنا سوى للمعيدين لإنتاج الماضي بقلبٍ وهابي، وبحةٍ عفاشية، ومسلك وأياد وزي إقطاعيٍ أحمري.

أترك تعليقاً

التعليقات