سلعة كاسدة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
إن الذين كبلوا الثورة بعجزهم وفشلهم وغبائهم وفسادهم وعبثيتهم؛ لن يستطيعوا إعادة إنتاج أنفسهم مجدداً، مهما بذلوا من جهد، وأنفقوا من أموال، وشكلوا من فرق، وأنشأوا من مؤسسات ومراكز إعلامية لا هم لها سوى تتبع أخبارهم، ونشر تحركاتهم وأفكارهم، والتسبيح بحمدهم ليلاً ونهاراً، لأنهم خسروا مصداقيتهم في زمنٍ كان الجميع يراهم رمزاً للعدل والنزاهة والوعي والإخلاص والصلاح والمصداقية، ومثالاً حياً على عظمة المشروع وطهارة وقدسية الثورة، ودليلاً عملياً يبين معنى التولي لله ورسوله والمؤمنين، ونموذجاً قرآنياً يقتدي به الناس، ويعيد الاعتبار لمفهوم الإدارة والسلطة والمسؤولية، على ضوء ما تقرره ثقافة القرآن، ومبادئ وأخلاقيات وسياسات وأحكام وموجهات الإسلام المحمدي الأصيل.
لقد كان هؤلاء صفحة سوداء في مسيرة الشعب القرآنية، وثورته الجهادية التحررية التغييرية النهضوية، وقد آن أوانُ شطبها، والتخلص منها إلى الأبد، وسيحل محلهم مَن هم جديرون بحمل شرف الانتماء للثورة والشعب، يعون معنى تحمل المسؤولية، ويجسدون الولاية لله ولرسوله وللمؤمنين بمفاهيمها وأبعادها الحركية والعملية.
فدعوهم يظهروا في الفضائيات، ويصرحوا ويتحدثوا كما يحلو لهم، فقد خبرناهم تسع سنين، وعرفنا مدى إسهامهم في خدمة العدو، ومستوى ما فعلوه من كوارث ضيعت علينا الكثير من الفرص في كل المجالات، وانعكست آثارها على الداخل هزيمةً نفسية، فقد على إثرها الكثيرون من أحرار وشرفاء هذا الشعب الثقة بالثورة، وسلموا بعدم إمكانية البناء والتغيير لواقع الدولة والمجتمع ولو بالحد الأدنى، لذلك فاستماتتهم اليوم في تصدر المشهد البطولي إعلامياً؛ لن تمنحهم كما يعتقدون موقعاً قيادياً بعد حدوث التغيير الجذري على الإطلاق، لماذا؟
لأن ميدان العمل لله، وساحة التجارة معه، والانضمام إلى أنصاره، والتجند في سبيله سبحانه؛ أمورٌ إذا لم يعطها المرء كل ما لديه، ويبخل في المواقع والمواطن والحالات والظروف التي كان بإمكانه أن يقدم حيالها ما ينفع الناس؛ فإنه سيجد نفسه غير قادر على العطاء في مراحل تقدم المشروع والثورة، وتغير الظروف، واتساع مستوى المخاطر والتحديات، حاله حال صاحب سلعة تجارية قديمة، تجاوزها الزمن ولم يعد الناس بحاجة لها، إذ قد بات لديهم ما هو أفضل وأجود وأنفع منها.
وهكذا نعرف أن سبيل الله لا يستمر في السير به حتى النهاية؛ إلا الذين يُفنون فيه ذواتهم، ويبذلون كل ما بوسعهم، ولا تزيدهم الأيام والسنون إلا سمواً وارتقاء، وسعةً في العلم والمعرفة، وقدرةً على العطاء، وليس هنالك من جهة تستحق أن تكون مضرباً للمثل في ذلك سوى القوة الصاروخية، وسلاح الجو المسير، ودائرة التصنيع العسكري عموماً. أما المتسابقون على الظهور في شبكات التواصل ووسائل الإعلام من قيادات الوضع المزري فقد باتوا مجرد سلعة كاسدة لا أقل ولا أكثر.

أترك تعليقاً

التعليقات