مواجهة الفقر فريضة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
أشرنا بالأمس إلى أن قضية تقسيم الثروة بشكل عادل، ومحاربة التمايز الطبقي، والحفاظ على الحقوق المالية للأمة احتلت موقعاً جعلها ضمن سلم الأولويات، في فكر وحركة ونشاط سيد الأوصياء الإمام علي بن أبي طالب عليه رضوان الله وسلامه، كأمير للمؤمنين، يقف على رأس السلطة، ويعنى بتسيير شؤون البلاد والعباد، من موقعه كإمام وكخليفة، ولم يمنعه عن القيام بمقتضيات هذه القضية الهامة أي مانع، كما لم يحد من نشاطه العملي إزاءها، أو يسهم في تأجيل قرار بخصوصها زمن حرب أو سلم، وذلك بالطبع ليس مستغرباً على مَن لم يتخذ من السياسة لعبةً، يوظفها تبعاً لهواه، فيصانع أهل الفساد والباطل، وإن أدى ذلك لاستبعاد أهل الحق والصلاح من المشهد، لأن المسألة باختصار مسألة مطامع وشهوات تدفع بصاحبها إلى فعل أي شيء في سبيل إشباعها، ولا فرق عنده أن يستعين على ذلك بموسى وعصاه، أو بفرعون وسحرته وملئه، وإنما جعل من السياسة وسيلةً لإقامة حكم الله في الأرض، ولن يقيم حكم الله كما يقول عليه السلام: إلا مَن لا يصانع، ولا يضارع، ولا يتّبع المطامع».
من هنا وجدناه لا يتساهل تجاه أي موضوع قد يجر لتضييع فريضة من فرائض الله أياً كان، ومن هذه الزاوية نظر إلى موضوع الفقراء، في ظل وجود قلة تتمتع بالثراء الفاحش، فقال: إن الله تعالى قد فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقيرٌ إلا بما مُتِعَ به غنيٌ، والله تعالى سائلُهم عن ذلك».
ومادام الأمر متعلقاً بفريضة من فرائض الله، يجب القيام بها، فلا بد من التالي:
1. يجب على كل الذين يتمتعون بالعلم والقدرة العمل على تحرير رقاب الناس من سيطرة ونفوذ الطبقة البغيضة، التي تتحكم بالاقتصاد، وتملك الثروة، ولديها كل المقومات التي تمنحها القدرة على استعباد الناس، باعتبارها المالكة للقمة عيشهم، وصاحبة القرار الذي يترتب عليه مصير معاشهم.
2. لا يجوز الاكتفاء بالوعظ والترغيب والحث لأصحاب الثروة من قبل الدولة، أملاً باستقامتهم، والإحساس بواجبهم، والعمل على أدائهم حق الله لعباده من تلقاء نفوسهم، وإنما على الحكومة أن تقتحم الساحة، لاسترجاع حقوق الفقراء، وصون الجانب الاقتصادي من طمع وجشع التجار، وعبث المرابين والفاسدين، وذلك بكل قوة، دونما اكتراث بأحد، فلا أحد بمقام الله، أو فوقه، حتى نضع له اعتبارا على حساب دين الله وشريعته.
3. على المعنيين أن يدركوا: أن قضية تعويض معظم أبناء المجتمع عما لحق بهم من فقر وتهميش وحرمان، طوال المراحل السابقة، وخلال مرحلة العدوان، لن تنهض به خطابات وأنشطة وفعاليات، تستهدف 10000 أو حتى 20 أو 100 أو مليونا، وإنما لا بد من التركيز على ما يجني ثماره ملايين المعدمين، الذين هم إلى الآن بمعزل عن كل ما تقوم به الزكاة والأوقاف وسواهما.
وأخيراً، فإن أي تأجيل أو قصور في معالجة الفقر كظاهرة، أو الحد منها، دافعٌ لكل فقير أن يعمل بنظرية أبي ذر رضوان الله عليه، وله كامل الحق في ذلك، وهي: «عجبت لمَن يظل في داره، ولا يجد قوت يومه، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه!».

أترك تعليقاً

التعليقات