عدة المستعمر
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لثقافة الاستلاب والتبعية أدواتها وأقلامها التي تنشط أيما نشاط كلما أحست بأن هناك شعبا من الشعوب أو مجتمعا من المجتمعات بدأ في التفلت من قيودها وأغلالها المفروضة عليه، وبات يمتلك آلية وثقافة ستمكنه من العودة إلى الجذور التي ستبين له مدى أصالته، وتؤكد معنى انتمائه لأمته، وتدفعه لبناء نفسه وواقعه على أساس ارتباطه بالدين، وحمله لمبادئ الوحي وقيم الرسالة وأخلاقها ومهامها الإنسانية والحضارية، هذه الثقافة هي التي يعول عليها المحتل والمستكبر الغربي اليوم في مواجهة أي توجه ثوري جهادي تحرري، سواءً في بلادنا أو في أي قطرٍ آخر من أقطار الدنيا، وأما إذا أردنا الوقوف على أبرز الخصائص والسمات والملامح التي تمتاز بها هذه الثقافة، فعلينا تتبع حركتها التي تسير في اتجاهين مختلفين، لكلٍ منهما جماعته ومراجعه ومستنده الفكري والثقافي والأيديولوجي:
1. اتجاه محسوب على الدين، متظاهر بانتمائه إليه، من خلال التزامه بالشكل، وتبنيه للمضامين المناقضة له جملةً وتفصيلاً، وهو الاتجاه الذي كان له جذوره وممثلوه عبر التاريخ، وبرزت نماذجه وأفكاره في كل حقبة من حقب الصراع بين الحق والباطل، سواءً في حركة الأنبياء والرسل، أو في حركة أوليائهم وأتباعهم، والذين مثلوا جبهةً قوية في التصدي لكل مظاهر القهر والظلم والاستعباد والاستغلال الطبقي، الذي كان ولايزال نهجاً ومسلكاً لكل الطغاة والمستكبرين والبغاة والظالمين المستبدين في كل عصر وجيل، ولعل الجذر التاريخي الذي يعود إليه هذا الاتجاه، هو: ذلك الجذر المتمثل باليهود، الذين كانوا يتظاهرون بالانتماء إلى شريعة موسى عليه السلام، نفاقاً، بينما هم القوة واليد والفكر الداعم والمساند لكل مشاريع البغي والضلالة والفساد، والمحرك لكل قوى الشر، كلما لاح في أفق البشرية نجمٌ للصلاح والإصلاح، وبدت بشائر النور تطل على الدنيا، من واقع استعادة الكرامة الآدمية، على أساس العودة إلى الله، وهكذا بقي هؤلاء عدة كل مستكبر، وجند كل طاغوت وفرعون حتى اليوم، ولن نذهب بعيداً إذا قلنا: بأن حزب الأوساخ في بلادنا يمثل أوضح شاهد، وأتم دليل لهذا الاتجاه، إذ لم يجد رموزه اليوم من وسيلة لخداع البسطاء والتضليل على عامة الناس سوى القول: بشرك وكفر كل المجاهدين والثوار والأحرار في اليمن، ومحور المقاومة، مدعين زوراً أننا ندعو لعبادة غير الله، وأننا نعطي الأنبياء والأولياء مقاماً يخرجهم عن دائرة البشرية، ويضعهم في مقام الخالق عز وجل والعياذ بالله! هكذا وجدوا أنفسهم مهزومين في كل الميادين والساحات، فاتجهوا لممارسة مهنتهم القديمة، في الكذب والتدليس على الناس، دون خجل أو حياء، وتلك هي عادتهم في مختلف المراحل، إذ الدين بالنسبة لهم وسيلة، وليس غاية.
2. اتجاهٌ مرتبط بالثقافة الغربية، داعٍ لالتزام حضارتها وفكرها، وطريقتها في الحكم والسياسة والاجتماع، وهو ضحية للاتجاه الأول، وشاهد على أثره السيئ، وتركته التدميرية التي خلفها لهذه الأمة، لدرجة اطمئنان الكثير إلى الغرب وانجذابهم نحوه، أكثر من اطمئنانهم إلى ما عند الله، وانشدادهم إليه، وواجبنا تجاه هذا الاتجاه هو: الأخذ بيده، لكي يخرج مما هو فيه من وهم وتيه، وتعريفه بحقيقة الدين الذي لم يعرفه كما هو من قبل، مع الرد على كل إثاراته الفكرية، وتفنيد كل ادعاءاته، ودحض كل شبهاته ومزاعمه، القائمة على الجهل، أو الناتجة عن الشعور بالضعف والهزيمة تجاه الغرب.

أترك تعليقاً

التعليقات