بين غديرية المقال وأموية الفعال
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
استطاعت ذكرى ولاية الإمام علي عليه السلام، أن تحيي فينا شيئاً من التفكير الذي يقف بنا على المحك، وذلك عندما نكتشف حجم التناقض بين ما ندعي الالتزام به كعقيدة ونهج وخط، فنسعى لإبرازه من خلال كلماتنا وندواتنا ولقاءاتنا وكتاباتنا وخطبنا ووسائل إعلامنا، ونكثر التغني به في قصائدنا، ونحرص على توسيع نطاق دوائر الإحياء لكل مظاهر البهجة والفرح في أكثر من صورة وعلى كل صعيد، وبين ما نتمثله في ما نقوم به من أنشطة ونمارسه من تحركات، وينعكس علينا من أساليب وسلوكيات في سياق تعاملنا مع أنفسنا ومع من حولنا، إذ ثمة أكثر من شاهد ودليل على أننا قد تقدمنا بعض الشيء في ما نقوله عن الولاية، وإن كنا حتى في هذا لانزال بعيدين كل البعد عن البيان لهذه المناسبة كما يليق بها، أما في ما يتعلق بحركتنا في الواقع العملي فلايزال علي مجرد خفقة في القلب، بينما خطواتنا ونظرتنا وسلوكياتنا وأساليبنا منطبعة جميعها بطابع أموي بكل ما للكلمة من معنى، فما هو السبب يا ترى في وجود مَن يقول بولاية علي وهو يسير بسيرة معاوية؟
وقبل بيان الأسباب الكامنة وراء ذلك الوجود المشوه، لا بد من التأكيد على الحقيقة التي تقول: إن الكثير يقر بوجود الله، ويشهد بأن محمدا رسول منه سبحانه، ولكنه لا يقوم بمقتضى تلك الثوابت في واقع حياته، لأن الإشكالية الأساسية التي نعاني منها اليوم هي:
الفجوة الموجودة بين النظرية والتطبيق، والتي لم نهتد حتى الساعة إلى الكيفية التي تمكننا من ردمها، فعلى الرغم من وجود منهجية تحتكم بالقرآن وتنطلق على أساسه، وتهتدي بسيرة ومسيرة الرسول الكريم وأهل البيت صلوات الله عليهم، إلا أن كل ما لدينا يكاد أن يصبح مجرد تصورات ذهنية ومضامين عقائدية، وأطروحات عامة يغلب عليها الافتقار لمعرفة الواقع، إلى جانب العزلة عن الناس وهمومهم وقضاياهم، لأننا حرصنا في الكثير من الأحيان على عرض الفكرة دون أن نلتفت إلى ضرورة الإيجاد لمَن يعمل على تقديمها إلى الناس من خلال تحركاته العملية في الواقع، ولعل أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه هي:
1 - وجود المفتقرين إلى المعرفة والفهم السليم في معظم مواقع اتخاذ القرار، وبالتالي عجزوا عن تجسيد كل تلك المبادئ والقيم، إذ اتسم تحركهم بالفردانية سواء على مستوى وضع الخطط أو على مستوى التنفيذ، فلا وجود لذوي الاختصاص، ولا رغبة بالاستفادة من ذوي الرأي والحكمة، كل ما هنالك هو فقط اهتمام بالشكليات، والتركيز على سفاسف الأمور، بالمستوى الذي يعطيك تصورا تاما وشاملا عن وجود ظاهرة المراهقة الأيديولوجية في كل قطاعات الدولة ومؤسساتها.
2 - الشعور بالأمن والاستقرار لدى بعض المعنيين بالمسؤولية، الذين اعتبروا مرحلة التحول من الثورة إلى الدولة نهاية المطاف، فساد الاسترخاء، وعم البحث عن طلب الراحة بالتخفف من كل معاني الحق حتى بات الظلم والمحسوبية من لوازم التمكين، وصار السكوت عن الفساد والبغي والتعدي على الناس من دواعي اعترافك بما فضل الله به السابقين من المجاهدين على سواهم من الذين جاؤوا من بعدهم.

أترك تعليقاً

التعليقات