حين تفرض المسؤولية على الذات
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
عادةً ما يتوجه معظم حملة مشعل الكلمة إلى مراكز اتخاذ القرار وإلى جماهيرهم الشغوفة بما يصدر عنهم والتواقة على الدوام لكل جديد يقومون بنشره بالقول: يجب تطبيق مبدأ الثواب والعقاب في كل ميادين وساحات العمل، بالمستوى الذي يشمل مختلف الدوائر التي تضم المعنيين بتحمل المسؤولية كبيرَها وصغيرَها، بالإضافة إلى ذلك فهم يؤكدون أنه لا سبيل لإيقاف الفاسدين عند حدهم وتعديل سلوكهم وتصحيح نظرتهم إلى المنصب أو الوظيفة إلا عندما يرون جزءاً منهم في ساحة المساءلة التي بدورها ستنزلهم المنازل التي يستحقونها جزاء ما اقترفوه من فساد وجرم وخيانة، ليصبحوا بذلك مصدرا لأخذ العظة والعبرة لدى كل مَن تسول له نفسه القيام بأي نشاط يحتوي على أي مظهر من مظاهر الفساد والإفساد.
وليتهم يقفون عند هذا، إذ ينطلقون أبعد عنه بكثير، فيسخرون من أي محاولة لتزكية النفوس وتغييرها من الداخل عن طريق المحاضرات والكلمات التي تحرص القيادة الثورية من خلالها على تقديم المعالجات والحلول لكل القضايا، والأسس والمبادئ والمنطلقات الواجب التزامها لبناء الفرد والمجتمع، وإصلاح أي جانب لايزال محتفظاً بشيء يدل على بقائه منشداً إلى عودة الواقع السلبي والهدام والفاسد، من هنا دعونا نذهب إلى بيان حقيقة الأسلوب الذي يحبذون العمل به.
يذهب كثيرٌ من المفكرين الرساليين المشهود لهم بالنجاح الكبير في المجالين الحركي والثوري إلى أن اعتماد مبدأ العقاب كأساس لحركة العاملين في تحمل المسؤولية لا يشكل ضمانة لتحقيق أي هدف من الأهداف التي يعني تحقيقها بناء قواعد ثابتة لا تزول مهما كانت الأخطار والتحديات، صحيحٌ قد نحرك بهذا الأسلوب الكثير والكثير من أبناء المجتمع، ولكن تحركهم سيكون أشبه بتحرك الآلات الجامدة، أو البهائم التي تتحرك وتندفع بفعل الخوف من السوط الذي يلوح لها بيد مالكها كلما همت بالتوقف عن السير أو الانعطاف إلى الخلف.
وهكذا يظل هاجس الخوف هو المنطلق والدافع في تحرك هذه النوعية، وقد يحققون بعض النجاحات ويظهرون وعلى وجوههم دلائل الفرح ومظاهر البشارة، لكن ذلك لا يستمر طويلاً، لكونهم لا يقدرون على مواصلة التحرك في هذا الدرب حتى نقطة النهاية، باعتبار ما فرض عليهم لم يكن ناتجا عن رغبة داخلية أو قناعة دفعتهم لكي يختاروا ذلك بمحض إرادتهم، وبالتالي فإنهم كلما التقوا بعقبة هنا أو واجهتهم صعوبةٌ هناك، اعتبروا ذلك من دواعي السرور وموجبات السعادة والاطمئنان، إذ وجدوا ما يعد سبيلاً لنجاتهم من العقوبة، ومبرراً يستطيعون من خلاله إخفاء عجزهم وعدم جدارتهم للقيام بأي عمل.

أترك تعليقاً

التعليقات