تساؤل وأمنية
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
سؤالٌ ينتهي ليبتدئ من حيث انتهى الأول سؤالٌ آخر، والغاية من وراء كل ذلك هي: ردم الهوة بين العاملين في مختلف ميادين العمل، والمكلفين في تحمل المسؤولية في جميع ساحاتها، إذ يلمس المراقب لطبيعة التحركات، ومستوى القدرة على تقديم الحلول، وإيجاد المعالجات إزاء كل إشكالٍ يطرأ على واقعنا، أو أزمة تحل بدورنا، فتهوي على رؤوسنا كصخرة صماء لا طاقة لنا في مقاومتها: وجودَ أكثر من شخصيةٍ مستقرةٍ في معظم أجساد القائمين بحمل واجب المسؤولية، إلى الحد الذي يريك الفرد الواحد منهم مشطوراً إلى شخصيتين متنافرتين كل شخصيةٍ تتجه اتجاهاً مغايراً لاتجاه الأخرى، ومتناقضاً معه ومضاداً له، وهكذا تصبح مثلاً القيم والمسلمات والمبادئ الفكرية والأخلاقية والعقائدية محصورةً على مجال الخطابات الرسمية والكلمات المناسباتية، والأحاديث البينية والنقاشات الجانبية في المقايل وأماكن التجمعات المختلفة فقط لا غير، أما في مقام التوجه العملي حركة وممارسةً فالأمر مختلفٌ تماماً، إذ سيكون الهوى والمزاج الصادران عن الذات هما المعنيين بتقرير ماذا يعمل ذلك المسؤول هنا، وكيف يتصرف هناك، بعيدا عن كل الثوابت والقناعات والالتزامات الدينية والإنسانية، وإلا فكيف سنفسر حقيقةَ أن أول من يعلم بحدوث أزمة ما سواءً أكانت نفطية أم غذائية هم المسؤولون وقبل حدوثها، ولكنهم آخر مَن سيكتوون بنارها وآخر من سيتحركون للحد منها ناهيك عن مواجهتها بهدف القضاء عليها بشكل كلي، كما أن أول مَن يعلم بوجود فساد هنا وازدياد خللٍ هناك هم المسؤولون، ولكنهم سيحرصون على بقائه ويعملون على تهيئة الظروف المناسبة لكي يستمر في اتساعه وتمدده.
وقد حدث في شهر رمضان المبارك أن قام أحد المشتغلين الكبار في المجال الصحفي بنشر سلسلة من التغريدات التي تضمنت الكشف عن مستوى انغماس أحد وزراء الإنقاذ بممارسة الفساد، وبالوثائق، وما هي إلا دقائق معدودة حتى اختفت التغريدات، وتم الإقفال على الموضوع وكأن شيئاً لم يكن، أليس لمثل هكذا حدث الأثر البالغ على نفسية الجمهور المتابع؟ وإن لم يكن من آثاره إلا اهتزاز ثقة ذلك الجمهور بالمعنيين من رجال دولته، الذين ضربوا صفحاً عما سمعوه من محاضرات ولي الله سيد الثورة، فلا إحساس بالتقوى لديهم، ولا رغبة في الاستقامة على صراط الله يحملون.
وختاماً، ليتنا نرى شيئاً من الحمية والاعتداد بالنفس، والتصرف بغضب وانفعال الذي يمارسه بعض عالي الجناب من وزراء حكومتنا تجاه عامل هنا وموظف هناك، ينصرف إلى جهدهم العملي الذي ليس له وجود من حيث الأصل، بدلاً من أن نراهم وهم يحاولون تعويض النقص الذي يحسونه، نتيجة عجزهم المطلق عن القيام بأي عمل يثبتون من خلاله استحقاقهم لتلك المناصب وإن بمستوى العشرة بالمائة منصباً على القيام بفصل موظف في هذا القطاع، وتوقيف آخر في ذاك، أو التوجه بالاعتداء بالضرب مباشرةً لثالثٍ في تلك الجهة أو ذلك القطاع.

أترك تعليقاً

التعليقات