خائفٌ مني عَلَيّ
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
خائفٌ أنت؟ أجل. ولِم الخوفُ وأنتَ السالكُ درب الحسين، المنتمي إلى جبهة الحق، التي لا تخشى المنون، ولا تعرف إلا العزة؛ وإذا خيرت بين السلة والذلة؛ اخترت السلة دون تردد؟
أنا لست خائفاً من العدو بكل مكوناته وقواه؛ من أميركا الاستكبار، إلى كيان صهيون اللقيط، إلى سعود التكفير والنفاق، إلى بقية الأعراب من ممالك وإمارات وأحزاب وتنظيمات؛ أنا خائفٌ من عدوٍ آخر؛ عدوٍ يستعير اسمي وصفتي ولوني وجلدي؛ عدوٍ يحمل شعاراتي، ويتبنى ثقافتي وخطي وحركتي؛ عدوٍ يدعي صدوره عن ثورتي؛ في الوقت الذي يسدد لها الطعنات تلو الطعنات في الصدر والنحر والظهر.
ألا يحق لي أنْ أخاف؟
لا لا؛ أنت تبالغ. حقاً؟ أنا لا أبالغ؛ أنا أموت كل يومٍ ألف مرةٍ كمداً. أنا أكاد أتلاشى كالغبار نتيجة ما يشهده كياني من فوران بركاني، وزلازل لا حصر لها؛ تولد كل يوم عندما لا أجد ما أعبر به عن مأساتي كلما رأيت يزيد يتقدم الصفوف باسم الحسين، ووجدت ابن زياد يعتقل كل حر وزهير وهانئ ووهب باسم الخيانة لأبي عبدالله، والعمالة لجند الشام. أنا أدك؛ أقطع، أُحرق وأُنسف وأذر رماداً.
هل عرفت الآن فيم خوفي؟ هل أحسست بعد هذا بشيء من أوجاعي؟ لا أظن ذلك؛ لأنك كالكثير هنا لا يعي ما معنى أنْ يستعير (الزبير) سحنة (عمار) ويتزيى (طلحة) بزي (سلمان) ويأتي (مروان) باسم (أبي ذر). تخيل؛ حجم المأساة وأنت ترى (الأشعث) يقوم مقام (مالك) وابن النابغة مقام (عمار) أو سواه من الخلص من أصحاب أمير المؤمنين! ولا يدركون الفرق بين علي النهج والخط، ومعاوية النهج والخط؛ لذا لا يهتمون بما يجري؛ إذ صار الشعار علويا، والأفكار والأساليب والممارسات أموية في أكثر من مؤسسة وقطاع ودائرة!
لن تصدق؟ أدري. وبصراحة؛ أنت معذور؛ لأنك كالكثير هنا يرى كل شيء على ما يرام، كونهم يقفون على المظاهر والقشور، ولا يكلفون أنفسهم عناء النفاذ للعمق، والتأمل في ما يجري على يد بعض الساسة، ويمارس لدى جهات أمنية وسواها؛ إذ المهم لديه تطبيق البرنامج، وصدوح التسبيحات بكرةً وأصيلاً من كافة المآذن، وتعميم خطبة الجمعة، وحضور محاضرة كل أربعاء، فذاك هو المعنى لإقامة دولة أمير المؤمنين، ولا ضير عندهم من وجود مظاهر وظواهر سفيانية مروانية تتسع أكثر فأكثر، فمثلاً: ظاهرة الاعتقال والتغييب القسري التي تزداد تمدداً واتساعاً لا تعنيهم، وإن قلت: هذا نقيض نهج علي، قالوا لك: أمننا معصوم بالفطرة، ولا نقبل التشكيك بتصرفاته.
حسناً؛ قد نجد لكم عذراً في اعتقال أصحاب البين بين، والواقفين على التل؛ مع أنه بميزان علي؛ لا عذر لكم؛ لكن ماذا نصنع؟ ولكن؛ ما عذركم في اعتقال المحب المناصر المجاهد الموالي المخلص المتفاني في الحق وله؟
هذا الدكتور مهيوب الحسام؛ نموذج وأي نموذج؟
رجل حاضر في قنوات الثورة والجهاد وصحفهما وساحاتهما، منذ البدء؛ أين هو؟ لم يعتقل؟ أو باتت الثورة تستسيغ أكل بنيها؟ أهكذا يكافأ أهل السبق والثبات والتضحية والالتزام والإصرار في البقاء على عهد الله، والجهاد في سبيله؟
وا حسرتاه! إذ صار خوفي مني علي.

أترك تعليقاً

التعليقات