هل يرضيكِ هذا؟
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
سأبقى هنا معكِ وحدكِ، وسأحتويك رغم أوجاعي المتزايدة منذ أنْ كنتِ طيفاً على صهوة جواد الحلم، إلى أنْ استقررتِ شمساً معلقةً على جيد أفلاك الحقيقة، تناجيك العيون الواقعة في مفترق طريقي الصحو والمنام، وتحتفي بك القلوب المصرة على الإمساك بخيطٍ  يقودها نحو الحياة بعد أن مللت البقاء في وضعية السكون والجمود البارد والمميت، وطال انتظارها لقدومك النزاع نحو الخلود الدائم الأبدي، الذي يعلو على الفناء جوهره ومظهره، ويدنو من الدنيا بفكره وروحيته، زارعاً فيها كل شيء متصلٍ بالفلاح في الدارين، حيث لا فواصل في قاموسه بين ميدان العمل وساحة الجزاء، ولا معنى عنده لكل من لم يحمل عند قيامه بمقتضيات الخلافة عن الله في هذه الأرض روحية الجاثين على ساحة المحشر يوم القيامة.
نعم سأبقى معك، ففيك أتغنى فرحاً حيناً، وأبكي ألماً وحزناً حيناً آخر، وعنك أذود بقلمي ولساني ويدي وسيفي، فتقبلين عليّ بعينين تقدحان شرراً، ويدين تحملان عن سواك باسمك لي كل يوم ألف قيدٍ وقيد، فإلى متى ستظلين تعاملين بعض من تكونت ذواتهم في رحمك، وجاؤوا إلى ساحة الوجود الثوري منك، يحملونك في ضمائرهم رسالةً وقضية، ويتمثلونك في خطواتهم سلوكاً وفكراً ومنهاجاً للعمل، كما يُعامل الأعداء؟ في الوقت الذي تحنين بالمودة واللطف والقربة والإحسان والصفح على الذين لا يألون جهداً في التخطيط لقتلك في مهدك، ولا يدخرون وسعاً في العمل على تشويهك وإفراغك من محتواك!
لقد هالني بعض ما رأيت من أمرك، إذ تفيض يداك بالعطاء لكل من قضى عمراً في صد الناس عن سبيلك، وتتعاملين بالقطيعة والجفاء مع بعض بنيك الذين قضوا حياتهم يمهدون لك طريق الوصول إلى كل قلب، ويؤمنون لكِ سبل الحصول على قناعة الناس، وكسب مودتهم وتأييدهم.
سيدتي: لا تصدقي كل أولئك الذين يأتون إليك بانطباعات القصر، ليقولوا لك: هذا هو ما يدور بخلد الكوخ، ولا تثقي بكل مَن يقدم لك الحلول على أساس نظرته المنطلقة من الأعلى، البعيدة عن الواقع، المنفصلة عن الناس وهمومهم ومشكلاتهم اليومية، بل استمعي لكل صوتٍ معبرٍ عن العامة، حاملٍ إليك مدامعهم وآلامهم ومطامحهم، يعيش معهم كل تفاصيل حياتهم، ويقاسي مثلهم، جشع التجار، ونفاق الشطار، وارتداء الخونة والكذابين والمخادعين والمبطلين لبوسَ الثوار الأحرار، وتظاهر المفسدين عديمي الشرف بزي المتقين والمصلحين، وروحية العفيف الطاهر النقي الشريف، سيدتي: هل تدرين أن مَن يتصدرون اليوم ميدان نقل أفكارك، والتعبير عن قيمك، وتعميم مبادئك هم السفهاء، لا لافتقارك لذوي الصدق في القول، والسماحة في الخلق، والسمو النفسي، وإنما لحاجةٍ في نفس عرقوب، يريد لها أن تتم، بعد أن يصم كل من يأبى الانتقاص منك بالمروق والعمالة، وتنفيذ الأجندة المشبوهة، سيدتي: لقد أصبح الذباب الإلكتروني الذي يتبارى في كسب وده واحتضانه المسؤولون أو معظمهم هو: صاحب القول الفصل إزاء كل قضية، والمعني الأول والأخير في رسم السياسات الإعلامية، وتحديد الاتجاهات والخطوط والمواقف الفكرية، فهل يرضيكِ هذا؟

أترك تعليقاً

التعليقات